أنت طالق..!! طلاق الأزمة.. معدلات تصل إلى 50%.. التهجير والنزوح والفقر والدعارة أسبابه..!!

أنت طالق..!! طلاق الأزمة.. معدلات تصل إلى 50%.. التهجير والنزوح والفقر والدعارة أسبابه..!!

الأزمنة

الاثنين، ٢٧ يوليو ٢٠١٥

الأزمنة| رولا نويساتي
لم تترك الأزمة التي تعصف في البلاد بصيصَ ضوءٍ إلا وأطلت برأسها منه، لا بل إنها دخلت من كل بابٍ وأصبحت فرداً من أفراد أي عائلة سورية.
مشاكل اقتصادية واجتماعية وربما سياسية أيضاً وجدت طريقها إلى داخل أوصال المجتمع السوري من دون استثناء، وهذا ما أثر بشكلٍ مباشر في اللُّبنة الأساسية للمجتمع ألا وهي الأسرة، فزادت معدلات وحالات التفكك الأسري والتشرد، وزادت نسبة دعاوى الطلاق في المحاكم الشرعية بشكلٍ يفوق كل التوقعات، وظهرت أسباب جديدة لحالات الطلاق لم تكن معروفة ولم نعهدها سابقاً بات يتسلح بها كلٌّ من الزوجين لشد اللحاف إلى طرفه في هذه الدعاوى، وبكل الأحوال أصبحت هذه الحجج والأسباب واقعاً مفروضاً في المجتمع، وفرضت نفسها في المحاكم الشرعية، كأن يفرض بعض الأزواج على زوجاتهن امتهان الدعارة، ودفعهن إلى ممارسة البغاء بغية الحصول على المال لتأمين أجرة المسكن والمأكل والمشرب، إلى غير ما هنالك من الأسباب التي لسنا بصدد ذكرها هنا، فتكفي الإشارةُ لأهلِ الفطنةِ ليعرفوا الخبرَ.
حقيقةً الموضوع شائك ومتشعب، لكننا حاولنا في هذا التحقيق رصد أبرز أسباب الطلاق التي اقتحمت مجتمعنا السوري في ظل الأزمة الراهنة من خلال سرد بعض القصص على لسان أصحابها، عانوا من هذا المرض الاجتماعي الخطير، عسانا نوصل رسائل توعية تهدف إلى التروي والتفكير بالنتائج الكارثية التي تختبئ وراء كلمة (أنت طالق)، ولذلك، ومن أجل تسليط الضوء بصورةٍ حقيقيةٍ على واقع الطلاق وأهم أسبابه في ظل الأزمة لزمنا المحكمة الشرعية لعدّة أيام.. واستخلصنا لقرائنا بعض القصص التي يندى لها الجبين، تابعوا معنا.
عريس جديد لزوجتي
بعد أن أبرأته من كافة مستحقاتها قال لها: "أنت طالق".. خرج من قاعة المحكمة عندما لحقنا به وسألناه بفضولنا الصحفي عن سبب طلاقه لزوجته فقال بحرقة:
"لولا الأزمة ما كنت لأطلقها.. نحن تزوجنا عن حب، لكن الزمن جار علينا وتهجرنا من ريف دمشق غصباً عنا وخوفاً على أرواحنا.. عادت إلى بيت أهلها وعدت بدوري إلى بيت أهلي، وبتنا نلتقي في أحد الفنادق من حينٍ لآخر لأن منزل أهلي صغير ومنزل أهلها كذلك، وفي أحد الأيام أعجب بها شاب وأرسل أهله لخطبتها، فقال لهم أهلها: إن ابنتهم متزوجة، لكن إعجاب الشاب الشديد بزوجتي دفعه ليغريها ويغري أهلها بالمال، حتى إنها عرضت عليّ أن تبرئني من كافة مستحقاتها من أجل حصولها على الطلاق، مدعيةً أن هذه الحال لن تتغير، وبأني لن أتمكن من أن أجلب لها مسكناً يؤويها مهما انتظرتني، لا بل وصل بها الأمر أن تغريني ببعض المال من أجل حصولها على الطلاق لأن عريسها الجديد ينتظر طلاقها مني ليأخذها ويسافر معها إلى أحد البلدان الأوروبية كما تدعي، لتعيش معه حياةً كريمةً هناك.
نار الغيرة
تركنا أحمد ودخلنا إلى قاعةٍ أخرى.. لكن الحال كانت مختلفة هناك، الزوجة متمسكة بزوجها وتقول للقاضي إنها تحبه، وإن شكوكه الزائدة ليس لها أي تبرير فيما الزوج مصر على الطلاق.. اقتربنا منها وسألناها عن أي شكوك تتحدث، فقالت:
بعد أن تركنا بيتنا لم نجد سوى بيت أهل زوجي ليضمنا، ولسوء حظنا وجدنا شقيقته وزوجها قد تهجَّرا من منزلهما وقررا النزول في منزل أهل زوجي أيضاً، بدايةً سارت الحياة رتيبة، لكن فيما بعد بدأت أشعر بمضايقات زوج شقيقة زوجي، وبنظراته التي لا تفارقني أبداً، إلى أن وصل الأمر به إلى التغزل بي وأحياناً على مسمعٍ من زوجي، وأنا لا أعير الأمر أي اهتمام، لكن زوجي راح يلقي باللَّوم علي ويكيل لي الاتهامات بأني أحاول إغواء الرجل، وبأني سأتسبب بطلاق شقيقته بسبب حركات الإغراء التي أقوم بها على حد تعبيره.. طلبت منه أن يأتي ليعيش معي في منزل أهلي ريثما تفرج علينا، لكنه رفض وقرر الخلاص مني بعد أن طردني من منزل أهله وحرمني من رؤية أطفالي، وقال لي: إن ورقة طلاقي سوف تصلني إلى بيت أهلي، أما حقوقي فقال لي :" لن تحلمي بها يا فاجرة".
الزوج المراهق
في دهليز المحكمة الشرعية كانت تجري وراء المحامي الذي وكلته للحصول على الطلاق.. دخلنا خلفها إلى قاعة المحكمة واستمعنا إلى قصتها التي روتها للقاضي حيث قالت:
منذ عامين وبعد أن تركنا منزلنا قام زوجي باستئجار غرفة في منطقة جرمانا، وأنا أعرف أن زوجي سيئ الخلق ومراهق في تصرفاته.. كان يجبرني على الذهاب إلى غرفة نومي عندما كنا في بيتنا ويقوم هو بمشاهدة الأفلام الإباحية..كنت أغض الطَّرف عنه لأني كنت أقول في قرارة نفسي بأني لا أريد أن أهدم بيتي بيدي، وخصوصاً أن الله رزقني بطفلين عمرهما 7 سنوات و8 سنوات، وعندما استأجرنا الغرفة في جرمانا بقي على عادته وأصبح يشاهد تلك الأفلام أمام أعين أطفالنا.. الأطفال أصبحوا في سن قادرين فيها على إدراك ما يدور من حولهم، وتلك المشاهد التي يرونها تؤثر في صحتهم الذهنية والسلوكية.. طلبت منه أن يكف عن هذا السلوك السيئ لكنه قام بضربي وإهانتي أمام الأولاد، ونعتني بكلامٍ بذيء أمام طفليّ، لم أعد أحتمل تلك الحال فحزمت أمتعتي واصطحبت طفليّ معي وعدت إلى بيت أهلي.
وكر للدعارة
السيدة (م.ب) قالت للأزمنة: إن زوجها كان سيئ الخلق منذ بداية حياتها الزوجية لكنها كانت تحتمل تلك الحال لأنه كان من اختيارها، ووقفت في وجه أهلها بسبب رفضهم لزواجها من الشاب الذي أحبته حتى حصلت على مرادها، وتردف السيدة (م،ب) أنها كانت تعتقد أنها انتصرت لحبها، لكن بعد فترة من زواجها وجدت نفسها أنها دخلت عالم الدعارة، وأن البيت الذي أوهمها به زوجها على أنه عش الزوجية المنتظر لم يكن سوى وكر للدعارة دخلت إليه بقدميها، فبات زوجها يجبرها على البغاء، وراح يجلب لها الزبائن بحجة أن الحياة قاسية، وإلا فسيموتان من الجوع إن لم تضحِ بجسدها ليعيشا في ظل هذه الظروف الصعبة، وتقول (م.ب): إنها تحملت كثيراً وباعت نفسها لطالبي المتعة الحرام، لكنه لم يعد بمقدورها أن تبقى على تلك الحال، وقد قالت (م،ب) بأنها سوف تبرئ زوجها من كافة مستحقاتها على أن يتكتم عنها من أنها مارست الدعارة في منزله، لأن الموت سيكون مصيرها إن علم أهلها بما حدث معها نتيجة اختيارها لهذا الزوج السيئ.
حقائق وأرقام
عن الحالات السابقة التي أوردناها وبغية الحصول على أرقام دقيقة سألنا الأستاذة المحامية رانية نقشبندي عن أسباب ارتفاع معدلات الطلاق في ظل الأزمة فقالت:
لقد ارتفعت معدلات الطلاق في السنوات الأخيرة بشكلٍ كبير مقارنةً مع السنوات الماضية وذلك لعدّة أسباب أهمها الأسباب الاقتصادية، والظروف الاجتماعية، وتفكير معظم الشباب بالهجرة, حيث وصلت معدلات الطلاق خلال الأشهر الأخيرة إلى 45% من حالات الزواج، وهناك إحصائية تقول إن أكثر من 75% من حالات الطلاق تمت بالتراضي بين طرفي النزاع أو الخصومة.. وأضافت أ.رانية أن هذه النسب لم تشمل حالات الطلاق التي تحدث بناءً على العقود العرفية التي لا تُسجل في السجلات الرسمية، وخاصةً في المناطق النائية التي تعتَبر الرَّابط الديني أقوى من الرَّابط المدني، وأشارت أ.رانية إلى أن حالات الطلاق التعسفي ازدادت بنسب كبيرة أيضاً "أي الطلاق من دون سبب واضح أو مقنع".. وأن معدلات الطلاق وصلت إلى عتبة مئة حالة طلاق يومياً في محاكم دمشق وريفها كحد وسطي، فيما وصلت نسبة طلاق القاصرات طلاقاً تعسفياً إلى نسبة 30%، حيث تراوحت أعمار هؤلاء الفتيات من 25 إلى 30 سنة.
لنا رأي
إذا ما أردنا أن نبحث في أسباب الطلاق كان لزاماً علينا البحث أولاً عن شروط الزواج الصحيح الذي راح معظم الأهالي يتهاونون بحقوق بناتهم في ظل الأزمة، وطبعاً نحن هنا لا نقصد التشجيع على رفع المهور والإصرار على الكماليات التي باتت بمثابة الحلم في أيامنا هذه، لكننا نرمي بطرحنا هذا إلى وجوب التكافؤ العلمي والثقافي وحتى المادي بين الزوجين، والتقارب في الأعمار، بالإضافة إلى السيرة الحسنة للزوج، كأبسط شروط يمكن أن يعتد بها لبناء أسرة تكون نواةً لمجتمعٍ جديد, ننطلق منها لتذليل كافة العقبات التي تعصف بنا، لا أن نزيد الطين بلّة ونغرق أنفسنا بمشكلات اجتماعية كان من الممكن تلافيها بشيء من الحكمة والتروي.