18ساعة تقنين في بعض المناطق..بطاريات و شواحن و مولدات.. واستثمار في المواطن!!.. وعود كاذبة على أكتاف المسؤولية

18ساعة تقنين في بعض المناطق..بطاريات و شواحن و مولدات.. واستثمار في المواطن!!.. وعود كاذبة على أكتاف المسؤولية

الأزمنة

السبت، ٢٥ يوليو ٢٠١٥

الأزمنة| محمد الحلبي
منذ أن عصفت الأزمة ببلدنا لاح بالأفق أننا على وشك خوض غمار حربٍ طويلة الأمد, ومنذ بداية الأزمة أيضاً ظهرت جماعات تخريبية كان هدفها الأساسي تدمير البُنى التحتية للوطن, ومحاربة الناس بلقمة عيشهم, أو سرقة ما تيسر لهم من ممتلكات الدولة والشعب, كقضبان الحديد من سكك القطارات وأسلاك الكهرباء النحاسية وأغطية حفر الصرف الصحي إلى غير ما هنالك مما تطوله الأيدي بسهولة وتغفل عنه العين الساهرة بغير قصد.
وكنا دائماً ننتظر الحلول الإسعافية التي تكون وليدة اللحظة حيث تتجلى هذه الحلول بإصلاح الأعطال التي طالتها يد الخراب، التي لا تلبث أن تعبث بها مجدداً, مما يعني في ظل هذه الظروف أنه يجب علينا البحث عن حلولٍ أخرى أكثر جدوى وغير التي جربناها على مدى ما يزيد على أربعة أعوام من عمر الأزمة, وما لا نستطيع فهمه حتى الآن هو إصرار المعنيين عن هذا القطاع أو ذاك من استخدام الطرق القديمة والتقليدية في حل هذه المشاكل... وإن كنا لا نريد أن نبحر في البحث عن حلول للعقبات التي تواجه مواطنينا فدعونا على الأقل نطرح تساؤلات من الواقع المفروض على الجميع, ولعل مسألة انقطاع الكهرباء في هذه الأيام وزيادة ساعات التقنين لساعاتٍ طويلة كحلٍ إسعافي ارتأته وزارة الكهرباء ومؤسساتها نتيجة خروج ما يقارب 75% من محطات توليد الكهرباء عن الخدمة بسبب الأعمال الإرهابية زاد من معاناة المواطنين بشكل كبير تزامناً مع ارتفاع درجات الحرارة لمعدلاتٍ قياسية ربما لم تشهدها المنطقة منذ عقود..
وفي خضم هذه الدوامة التي نعيشها تطفو على السطح كما أسلفنا تساؤلات تلهج بها ألسنة المواطنين تستجدي عند المسؤولين إيجاد الأجوبة الشافية لها.. هل التقنين مفروض على ناس وناس؟ هل هناك خطوط يمنع عنها انقطاع التيار الكهربائي؟ هل جداول ساعات التقنين تخضع لسياسة الخيار والفقوس حسب مزاج المسؤول عن انقطاع الكهرباء وتنفيذ ساعات التقنين؟ وأسئلة كثيرة غيرها زودنا بها المواطنون الذين التقيناهم على عجالة في هذا التحقيق.
تصريحات ثري فاز
 
السيد عبد العزيز عكل صاحب نادٍ رياضي قال: أنا أسكن وسط العاصمة دمشق وأملك نادياً رياضياً, وأنا بريء الذمة المالية تجاه مؤسسة الكهرباء ومن حقي أن أتنعم بالكهرباء ما دمت أدفع ما يترتب عليّ من فواتير, أما مسألة أعطال أنابيب الغاز وقلة الفيول فهذه حجج باتت غير مقنعة بعد أربع سنوات من عمر الأزمة, حيث من المفترض أن تكون الدولة قد أوجدت البدائل للمواطنين لتؤمِّن لهم أبسط مقومات العيش، هذا من جهة.. من جهةٍ أخرى نجد أن فواتير الكهرباء عشوائية جداً ولا تدل على كمية الاستهلاك الحقيقية للكهرباء مقارنة بمدة انقطاع الكهرباء وحجم ساعات التقنين, ففي النادي الرياضي الذي أملكه لا أرى الكهرباء سوى أربع ساعات فقط من أصل 12 ساعة عمل, وتصل قيمة فاتورة الكهرباء في الدورة الواحدة إلى ما يربو على 40 ألف ليرة، وانقطاع الكهرباء لفترات طويلة أثر سلباً على أعداد المشتركين في النادي لكوني غير قادر على إحضار مولدة كهربائية, لأن ذلك سيؤدي إلى دفعي لرفع اشتراك اللاعب لتعويضي عن خسائر انقطاع التيار الكهربائي, وهناك مسألة أخرى أيضاً, كيف تستطيع مؤسسة الكهرباء أن تفسر عدم انقطاع التيار الكهربائي عن بعض الأحياء في العاصمة والتي لا يفصلنا عنها في بعض الأحيان سوى أمتارٍ قليلةٍ فقط؟! فالأجدر ألا تقول مؤسسة الكهرباء إنه لا يوجد كهرباء, بل يجب عليها أن تعترف أنه لا يوجد عدالة بتوزيع الكهرباء, وسأذكر حالة حدثت معي شخصياً منذ أيام وتحديداً في عيد الفطر, عندما قمت بالاتصال بأحد الموظفين المسؤولين عن ساعات التقنين في منطقتي وطلبت منه عدم قطع التيار الكهربائي مقابل إعطائه إكرامية, وفعلاً لم تنقطع الكهرباء طوال فترة مناوبة هذا الموظف, وقد ختم السيد عبد العزيز حديثه قائلاً: إن تخديم مدينة دمشق بالكهرباء ليس بالأمر المستحيل أو الصعب على الدولة, وهي تستطيع فعل ذلك فعلاً بعد الدمار الذي لحق بمعظم أرجاء البلاد نتيجة الأعمال الإرهابية.
 
أما السيد أبو هشام وهو يعمل كهربائياً فتساءل قائلاً: كيف لي أن أصدق مسألة التقنين المزعومة هذه ونصف الحارة التي أسكن فيها مضاء دائماً والنصف الآخر يعاني من ساعات تقنين لا تُحتمل؟!.. هل يعقل أن تنطفئ الكهرباء أربع مرات في اليوم لمدة تصل أحياناً إلى 20 ساعة, بينما الخط الآخر تقنن فيه الكهرباء لمدة ساعتين فقط صباحاً, ألا يفتح هذا المجال ليدفع المواطنين لسرقة الكهرباء, وهذا ما حصل فعلاُ فبعض التجار في حيِّي قاموا بتوصيل أكبال كهربائية من بناءٍ لآخر مستغلين قرب المسافة من الخطوط التي لا تعاني من فترات تقنين طويلة.
 
فيما قال السيد أبو خالد: إن جاره في الحارة يعمل موظفاً في شركة الكهرباء قام بتركيب "قاطع قلاب مزدوج" وهو لا يعرف شيئاً اسمه قطع كهرباء أبداً, إذ إن الحارة التي يسكن فيها يمر بها كبلان كهربائيان يطبق عليهما التقنين بشكل معاكس لبعضهما, وبهذا الشكل يتنقل بينهما طوال اليوم, ويتنعم بالكهرباء طوال الوقت وهو مطمئن طبعاً إنه بعيد عن المساءلة القانونية لأنه من أهل البيت.
وكأن المواطن بحاجة إلى هموم ومصائب فوق المصائب والأعباء التي يعانيها.. بهذه الكلمات بدأت السيدة سمر حديثها للأزمنة قبل أن تردف قائلة: في يوم وقفة العيد تسوقت بعض اللحومات والأجبان والألبان كحال معظم الناس, ودفعنا ثمنها باهظاً, وفي ثاني أيام العيد ومع كل أسف رميت كل ما اشتريته في سلة القمامة لأنها فسدت جميعها نتيجة انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة جداً.. لقد عدنا عصوراً إلى الوراء وبدأنا نُلغي شيئاً اسمه ثلاجة من حياتنا, فالبازلاء بتنا نقوم بتجفيفها بعد أن كنا نضعها في الثلاجة, والفول كذلك والكوسا.. أنا لا أفهم كثيراً في أمور توليد الكهرباء, لكن أسأل نفسي دائماً ألا يوجد بدائل عن الطرق التي يتم فيها توليد الكهرباء في بلدنا وخاصةً أننا أصبحنا في عصر المعجزات..
 
فيما قالت السيدة نجلاء: مصائب قومٍ عند قومٍ فوائدُ, المستفيد الوحيد من انقطاع التيار الكهربائي هم باعة البطاريات والشواحن واللدات وهنا تضحك السيدة نجلاء وهي تقول: أحياناً أحدث نفسي أن تقنين الكهرباء مقصود كي يستفيد هؤلاء الباعة من بيع تلك البطاريات واللدات والشواحن، وأعتقد أن المسؤولين عن التقنين هم من يستوردون تلك الأجهزة والمولدات والشواحن فيزيدون من ساعات التقنين كي يسارع المواطنون إلى شراء تلك الأشياء.
حقائق وأرقام
بقي لنا أن نذكر أنه حسب آخر دراسة أجرتها الوزارة أشارت إلى أن التكلفة اليومية لاستخدام الكهرباء يعادل نصف مليار ليرة سورية يومياً, ويتضاعف هذا الرقم في أيام الصيف الحار نتيجة استخدام وسائل التبريد التي تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء, ناهيك عن استخدام المواطنين الكهرباء لأغراض الطهي تحسباً لانقطاع الغاز بشكلٍ مفاجئ وتعذر الحصول عليه.. وقد أعلنت وزارة الكهرباء منذ أيام أنها مضطرة لزيادة ساعات التقنين بسبب نقص مادة الفيول المستخدم في المولدات الكهربائية وزيادة الطلب على الكهرباء في هذه الأيام الحارة.
نقطة نظام
من خلال الناس الذين التقيناهم لمسنا في حديثهم أنهم يشعرون أن هناك أعطالاً مقصودة يراد بها تمرير ساعات تقنين إضافية, وإذا كانت مؤسسة الكهرباء عاجزة عن تأمين الكهرباء للمواطنين فلتطرح مشاريع استثمارية في قطاع الكهرباء يقوم عليها القطاع الخاص من خلال إشادة محطات توليد كهربائية صغيرة تزود الأحياء والمدن والقرى بالتيار الكهربائي, وبرأينا المتواضع أن المستثمرين سيبادرون إلى الاستثمار في هذا القطاع لأنه مشروع رابح بنسبةٍ كبيرة, وخاصة في المناطق الآمنة المشجعة لإقامة مثل هذه المحطات..
حل قد يحمل في طياته فكرة بحاجة إلى صقل من أصحاب الخبرة والقرار.. فهل تفضلتم بالاطلاع؟.