الأدويــــــــــــــة الســــــــــــــورية..من يضمن السعر المناسب للمواطن ؟!!

الأدويــــــــــــــة الســــــــــــــورية..من يضمن السعر المناسب للمواطن ؟!!

الأزمنة

الأحد، ٧ يونيو ٢٠١٥

الأزمنة – مجد سليم عبيسي
 قبل بدء الأزمة بعدة سنوات كانت الصناعات الدوائية السورية تزدهر حاملة معها سمعة طيبة إلى أكثر من 60 دولة في العالم، حتى إن منظمة الأمم المتحدة اشترت صنوفاً كثيرة من الدواء السوري لموثوقيته وفاعليته التي تجسدت بأكثر من ثمانية آلاف صنف دوائي بما فيها أدوية السرطانات ومختلف أنواع الأمصال الضرورية إضافةً إلى تصنيع اللقاحات المختلفة والتي لاقت رواجاً واسعاً في الأسواق العالمية لموثوقيتها –كما ذكرنا- إضافةً إلى عنصر مهم وهو رخص سعر الدواء السوري قياساً بأسعار الأدوية في العالم.
أما على الصعيد الداخلي فقد كانت الصناعات الدوائية السورية قادرة على سد قرابة 95% من حاجة السوق المحلية أكثر من أي وقت مضى بإنتاجية عالية في القطاعات الثلاثة العامة والخاصة والمشتركة المدعمة بالخبرات والكوادر مع كثير من العناية والرقابة الصحية.
ومع قدوم الأزمة ارتفعت تكاليف الصناعة الدوائية بسبب الحصار الاقتصادي والعقوبات الظالمة التي اتخذت ضد الشعب السوري ما أدى إلى ارتفاع سعر الصرف وارتفاع التكاليف المحلية من كهرباء ومحروقات وعدم توافرها بالشكل المطلوب وارتفاع الرواتب وأجور النقل والأهم من ذلك كله ارتفاع أسعار المادة الأولية المستوردة الداخلة في تركيب الدواء لأن نسبتها وللأسف وصلت إلى حدود 80% من إجمالي المواد المستخدمة في التصنيع.
 
معامل أوقفت خطوط الإنتاج بسبب غلاء المادة الأولية.. وأخرى تنتج في معامل أخرى:
لعل من أهم ما طرح هو فقدان بعض الأدوية من السوق مع وجود البديل الأجنبي الأغلى منه بنحو عشرين ضعفاً في بعض الحالات.. وضمن هذا الطرح أجاب (د. خلدون حربة مدير الشؤون الصيدلانية في وزارة الصحة) بأن أغلب الأدوية المحلية متوافرة في الأسواق بشكل جيد، إذ وصلت نسبة التغطية المحلية 80% تقريباً من إجمالي الحصة الدوائية، أما الـ 20% المتبقية فهي المشكلة التي تتحدثون عنها، ويتم فعلياً الاستعاضة عن المقطوع منها بالاستيراد من الدول الصديقة والتي تربطنا بها اتفاقيات صحية يما يضمن جودة وفعالية الدواء.
 
الاستيراد يتم عن طريق مؤسسة التجارة الخارجية "فارمكس" ومن مستودعات أدوية نظامية مرخصة أصولاً للزمر الدوائية المسموح باستيرادها من قبل مستودعات الأدوية والمكاتب العلمية. كما أن القسم الآخر يؤمن عن طريق القرض الإيراني أو القطاع الخاص. عدا الهبات من بعض البلدان الصديقة والمساعدات من قبل منظمة الصحة العالمية واليونيسيف والهلال والصليب الأحمر.
كما أكدت (د. منى بيطار مديرة الرقابة الدوائية في وزارة الصحة) أن المعامل الدوائية في القطاعين العام والخاص تعمل بطاقة إنتاجية تؤمن حاجة السوق المحلية من أغلبية الزمر الدوائية، مع الإشارة إلى توقف نسبة ضئيلة جداً من المعامل عن العمل بسبب تعرضها للتخريب، ولكن اتجهت بعض هذه المعامل المتضررة إلى إبرام عقود تصنيع لمستحضراتها مع معامل أخرى قائمة. وحالياً يتم رفد السوق بأغلبية الزمر الدوائية.
 
الدواء المهرب.. غلاء وفساد:
أكد الصيدلاني عماد "صيدلية الميدان" أن الدواء المستورد النظامي عن طريق الوزارة أفضل بكثير من التهريب الذي كان يصل إلينا في فترات سابقة من لبنان، ويوجد حتى اليوم دواء مهرب ولكنه غير موثوق الفعالية لأنه غير مراقب من وزارة الصحة فكثير منه يأتي منتهياً لمدة الصلاحية، عدا أن سعر المستورد النظامي أرخص من المهرب. وتعتبر البدائل سواء كانت إيرانية أم من دول أخرى تستجر منها وزارة الصحة الأدوية بدائل جيدة وفعّالة حقيقةً.
 
مطالبات برفع التسعيرة:
أما الصيدلانية رجاء فقد عزت أسباب انقطاع بعض الأدوية الوطنية إلى الفرق الكبير في أسعارها عن البدائل الأجنبية، وأن المعامل رفعت عدة طلبات للوزارة لرفع سعر الدواء، ولكن الوزارة بعد الزيادتين الأخيرتين في عام 2013 لم تزد سعر الدواء بالنسبة للمعامل، وبالتالي فإن تغير سعر الصرف في السنوات اللاحقة أدت لارتفاع أسعار المواد الأولية ولم يعد بالإمكان بيع بعض الأدوية بالأسعار القديمة، ما أدى إلى إحجام بعض المعامل عن إنتاج بعض الأصناف فقط، ما اضطر الصحة للاستعاضة عنها باستيراد الأجنبي.
وهنا يبرز السؤال:
كيف تتم آلية التسعير الدوائي وما المتغيرات الخاضعة لها ولمَ يتغير سعر الدواء الأجنبي بين الصيدليات المتجاورة؟
يأتي رد الوزارة بأن تسعير الدواء المحلي يتم بتطبيق أسس معتمدة أصولاً لدى وزارة الصحة متضمنة سعر المادة الأولية مضافاً إليها الكلف اللازمة لتصنيع هذا الدواء ثم تطبق على الناتج السعري الزيادتان الصادرتان مؤخراً بتاريخ 2/2013 وتاريخ 7/2013 بنسب مئوية حسب الشريحة السعرية للدواء المنتج.
وذات الطريقة مطبقة على الدواء المستورد الخاضع لتسعير نظامي من قبل الوزارة.
الأمر الذي عقّب عليه الصيدلاني أحمد أبو المجد بأن سعر الدواء المستورد يأتي من وزارة الصحة، أما اختلاف سعره من صيدلية إلى أخرى فيعود إلى تغير سعر صرف الدولار بين كميات مستجرة بالسعر الجديد وكميات أخرى بالقديم.
ونفى أن يكون هناك تحكم أو نزعة من قبل بعض الصيادلة نحو زيادة هامش الربح (علماً أنهم طالبوا في اجتماعهم مؤخراً بالوزارة زيادة هذا الهامش لأنه عندما ارتفعت أسعار الأدوية بقيت نسبة الربح ثابتة. وأكد أنه لا يمكن أن يتجاوز الصيدلاني هامش ربحه أو يتلاعب بالسعر بسبب دوريات الرقابة المكثفة على الصيدليات فيما يخص التسعير الدوائي من جهات ثلاث (نقابة الصيادلة – وزارة الصحة – والتموين).
تعقيب.. وتساؤل:
بما أن معامل الأدوية تسعى لرفع أسعار منتجاتها منذ أكثر من سنة. والوزارة بعد الزيادتين الأخيرتين لم تزد حفاظاً على استمرار تأمين الدواء للمواطن بما يناسب قدرته الشرائية قدر الإمكان.
وبما أن الصيدلاني يسعى لزيادة هامش ربحه والذي بقيت نسبته ثابتة مع ارتفاع أسعار الدواء..
والمواطن يطالب بتخفيض سعر الدواء الأجنبي نظراً لفرق السعر الكبير بينه وبين البدائل الوطنية المفقودة.
نرى هنا أن الوزارة معنية بتنشيط المعامل وشركات الأدوية ولكن مع الحرص على السعر المناسب للمواطن والذي –في الوقت ذاته- يحقق للمعامل ربحاً معقولاً لاستمرار إنتاجية الدواء الجيد. ولكن هل الوزارة إن أقرت رفعاً جديداً للسعر الدوائي "كما يطالب أصحاب المعامل والصيادلة" ستعاود المعامل رفد السوق بالدواء المحلي المفقود بجودة الدواء المستورد"؟ وهل سيكون أرخص منه لأنه سيتم حينها اقتصاص أجزاء من حلقة التكلفة ممثلة بأجور الشحن والاستيراد؟! سؤال برسم مديريات الدراسات الدوائية والتسعير في وزارة الصحة.