بين الطالب والأستاذ.. أجرة!! دروس خصوصية.. عدوى وضرورة واستغلال .. و أموال تُدفع فمن المستفيد؟!

بين الطالب والأستاذ.. أجرة!! دروس خصوصية.. عدوى وضرورة واستغلال .. و أموال تُدفع فمن المستفيد؟!

الأزمنة

الاثنين، ١ يونيو ٢٠١٥

الأزمنة - مجد عبيسي
بات هاجس الدروس الخصوصية منتشراً عند نسبة لا بأس بها من الطلاب. إلا أن الأجور المبالغ فيها التي يطلبها بعض الأساتذة لا تناسب الجميع. والغريب أن تلك الدروس لم تعد مقتصرة على طلاب الشهادة الثانوية أو شهادة التعليم الأساسي، بل أيضاً بين طلاب الصفوف الانتقالية.
 ورغم أن بعض الأهالي يفاصلون الأساتذة حول الأجرة، تراهم في الوقت ذاته حريصين على تأمين أجور الدروس الخصوصية حتى ولو على حساب أولويات حياتية للأسرة!!.. لكن السؤال يبقى: لمَ يشعر الأهل أو الطلاب بضرورة اللجوء إلى دروس خصوصية. هل هي العدوى أو إهمال المدرسين في المدارس أم تقصير الطلاب أو الأهل؟!!..
 
 اختصاصية التوجيه التربوي والنفسي أماني العاشق عزت السبب وراء بحث الأهالي عن الدروس الخصوصية لأولادهم في مراحل مبكرة من العمر "المرحلة الابتدائية" إلى أسباب عدة أهمها:
1-  شكوى الطفل من عدم الإدراك وتمييز المعلومات داخل الحصص الدرسية.
وهذا السبب وحده كاف لبدء الأهل في رحلة البحث عن مدرس خصوصي يسد الثغرات الحاصلة في المرحلة التأسيسية للطفل دونما التأكد من حقيقة صدق الطفل من عدمه.
2- عدم قدرة الأهل على السيطرة على الطفل في العملية التدريسية داخل المنزل.
وهو من الأسباب الرئيسة التي ترغم على الاستعانة بخبير "المدرس الخصوصي" الذي يقوم بدور الملقن الذي يوجه الطفل نحو المعلومات فقط بفضل الحواجز التي تمنع من ممارسة الطفل اللعب أو عدم الطاعة وإضاعة الوقت.
3- عدم قدرة الأم على فك الحرف بمعنى أنها أميّة لا تتقن القراءة أو الكتابة. أو عدم الاكتراث.
وهذه النسبة باتت –على ما أعتقد- قليلة في مجتمعاتنا، ولكن النسبة الأكبر هي الأمهات غير المكترثات بتربية أولادهن أو الاهتمام بمتابعة دروسهم داخل المنزل. وهن غالباً من الطبقات الغنية أو العاملات وأعتقد أن أجور الدروس الخصوصية لا تمثل أي مشكلة بالنسبة لهؤلاء الناس.
4- هناك شريحة من الأهلي يطلبون الدرس الخاص بدءاً من المراحل الابتدائية بدافع أن يكون أبناؤهم من المتميزين في المستقبل والمتفوقين في المراحل المتقدمة من التعليم.
ومن كل من الحالات السابقة نجد أن الدروس الخصوصية أمراً يبدو إجبارياً يخصص له الأولياء جزءاً من ميزانيتهم حتى لا يحرمون أبناءهم من فرصة التدارك والنجاح.
 
وما إن يقترب الطلاب من المرحلة الثانوية حتى تزداد مطالباتهم بدروس خصوصیة – تقوية – لبعض المواد التي يواجه فیھا الطالب صعوبة في الفھم وتحصیل معدلات عالیة، ربما تؤثر على مجموع العلامات الكلیة بشكل سلبي. لذلك فإن الآباء الذين يشعرون حاجة أبنائھم إلى دروس تقوية يبحثون عن أساتذة ذوي شھرة في التعلیم إما مباشرة أو من خلال معاهد خاصة تعنى بھذا الشأن، ويتم دفع مبالغ مالیة لا يستھان بھا بھذا الخصوص. وهنا ثمة تنافس شرس بين المعلمين أنفسهم على نيل الحصة الأكبر وكل من يتصور نفسه معلّماً من غير الاختصاصيين، هذا عدا تنافس طلاب جامعيين حالمين بالمكسب السهل من التدريس الخاص.
 
أجور الدروس الخصوصية لا منطقية:
لدى سؤالنا لكثير من أهالي الطلاب عن منطقية أجور الحصص الخاصة كانت الشجون متباينة ومتقاربة في الوقت نفسه، ومتمايلة بين مسرور من هذا الواقع ورافض لواقع مجبر عليه.. وناقم على استغلال صريح لا بد من الرضوخ له. ومطالب بمحاسبة من لا يرحم..
يقول أحمد (مهندس استشاري في وكالة خاصة): الدروس الخصوصية هي خدمة اجتماعية جيدة. فمقابل انشغالي عن الاهتمام بأبنائي أعول على العديد من المدرسین لدروس خصوصیة، ولا مشكلة لدي من المبالغ التي يطلبونها لقاء الحصص لسببين الأول هو تطوير المناهج الذي أدى إلى مشكلة حقيقية في مرحلة التعليم الأساسي أمام قدرة الأهل على متابعة أبنائهم وثانياً فإن دخل المدرسين مقارنة مع مھن أخرى متدني، ولا يلبي احتیاجاتھم الأساسیة في ظل غلاء فاحش للأسعار.
وتضيف صفاء (ربة منزل): الحقيقة أن الحصص التي يعطيها المدرسون لابني في المواد الأساسية للثانوية العامة لا تستأهل كل هذه المبالغ التي يطلبونها، فمقابل ساعة من الزمان أو ساعتين يأخذون أجرة يوم أو يومين مما يكسب زوجي. والحقيقة أن كلاً منهم يطلب سعراً مغايراً للآخر.. فهي أجرة تقديرية تقترن بما يقدر فيها المدرس خبرته أو لربما بجشعه. إذ طلب ذات مرة أحد الأساتذة المختصين في الفيزياء على الحصة الواحدة أربعة آلاف ليرة سورية، فما كان إلا أن أغلقت السماعة فوراً خوفاً من أي تعليق قد يصدر عني مخلّ بالأدب.
السيد رضوان (سائق سرفيس): رغم أن دخلي جيد وأستطيع دفع تكاليف المدرسين الخصوصيين لابنتي من دون أن أنزعج، إلا أن الدروس باتت مرتفعة الأجور فعلاً.. فأنا يمكن أن أدفع ولكن ما ذنب الفقراء والذين لا يكفيهم دخلهم صعوبات المعيشة؟ علماً أنهم بحاجة ماسة لدروس خصوصية لأبنائهم لكون المدارس لم تعد تهتم بالتعليم كما في السابق.
أبو نبيل (تاجر في سوق الحريقة): هل تصدق أن الحصة الواحدة باتت بـ أربعة أوخمسة آلاف ليرة سورية؟
أدفع شهرياً لمدرسين لأولادي أحدهم في الصف الثامن والآخر في البكالوريا ما يقارب مئة وخمسين ألف ليرة. ولكن مضطر وما باليد حيلة. فالأولاد لا يفهمون كما يجب في الصف مع ازدحام الطلاب والحر والتشويش.. ولكن أتعلم؟! لربما هو أسلوب يتبعه المدرسون في المدارس لافتعال الحاجة والطلب على الدروس الخصوصية. كما في تحكم التجار في السوق وتوجيه المستهلك إلى حيث ما يريدون.. إضافة إلى أني أدفع زيادة لأنه كثیراً من الأحیان يقوم بعض الأساتذة بجمع عدد من الطلبة في بیت واحد وإعطائھم درساً في مساق معین كالرياضیات أو الفیزياء وغیر ذلك، وبالتالي يكون ھذا الاستاذ نقل الصف المدرسي إلى البیت، وربما لا يعطي ھذا الدرس صفة الدرس الخصوصي الذي يشدو إلیه الآباء والطلبة، لأن اھتمام الاستاذ يتوزع على مجموعة كما في الصف المدرسي.
 
نظراً لأن الموضوع برمته موجود بقوة الحاجة ولكن بطريقة غير رسمية، فإن أي جهة رسمية لم تنظم إحصاء لعدد الطلاب الذين يتلقون الدروس أو عدد الأساتذة الممارسين لها. ولكن من خلال اطلاعنا على عينة ليست بقليلة من المواطنين والطلبة ومثلهم من الأساتذة وما بين الأجوبة الخجولة للمدرسين والمندفعة للأهالي والتبريرية للطلاب، أمكننا أن نقدر بأن نسبة لا بأس بها من الطلاب يتلقون دروساًخصوصية في الشهادة الثانوية والثالث الإعدادي. وأقل منها
في بقية المراحل الانتقالية.
 
اتهامات واقتراحات :
الكثير من المواطنين وجدوا أن الدروس الخصوصية معضلة حقيقية لا تجد الوزارة ولا مربو الأجيال ولا أولياء الأمور حلاً جذرياً لها.
عدا تشبيه البعض منهم للمدرسين "بالجشعين" إذ يواظبون على إعطاء الدروس حتى ساعات متأخرة من الليل، وفي أيام العطل وفي البيوت إضافة لعملهم في دورات المراكز الرسمية والخاصة، وبهذا ترتفع مداخيلهم إلى أرقام فلكية بالنسبة لذوي الدخل المحدود! في الوقت الذي لا يتنازلون عن قرش واحد من الأجر الضخم الذي يتقاضونه لقاء الساعة الواحدة .
ورأت اختصاصية التوجيه التربوي أن الحل يكون بتعزيز دور المدرسة، ومنع المدرسين العاملين في الثانويات الحكومية من التدريس في المعاهد الخاصة، ومراقبة المعاهد التي سبق فتحها وبدأت تحلّ محلّ المدرسة، فلا خيار في مجتمعنا إلا بالتأكيد على أهميّة التعليم الحكومي. ومدارسنا غنية بكوادرها ومخابرها وأبنيتها، ، لذلك يجب القضاء على هذه الظاهرة السلبية. وبالنسبة لراتب المدرّسين أصبح مقبولاً إلى حد ما، لكن من تعوّد على المبالغ الكبيرة لا يرضى بأقل من 200 ألف ل.س شهرياً!