نظرة اقتصادية في العقوبات الغربية على روسيا

نظرة اقتصادية في العقوبات الغربية على روسيا

مال واعمال

الاثنين، ٢٢ ديسمبر ٢٠١٤

 رغم كل المتغيرات الدولية لا تزال روسيا هي الخصم الأساسي للأميركيين. يكمن الصراع الحقيقي مع روسيا حول النفط وإمداداته، ويتركز السباق على منطقة البحر الأسود وجنوب القوقاز حيث تم قبل أعوام قليلة اكتشاف حقول غنية بالنفط والغاز في بحر قزوين وكازخستان وآسيا الوسطى، ويسعى الأمريكي -ولكن يمانعه الروسي- لتأمين ممر هام لعبور حوامل الطاقة بين منطقة بحر قزوين وأوروبا.. ويأتي الضغط على الروسي في أوكرانيا حيث مسار الغاز الروسي الى أوروبا عبرها.. كما تأتي محاولة مغازلة الغرب لإيران وللتيار الإصلاحي الذي يمثله روحاني في نفس السياق، أي التغاضي عن البرنامج النووي في مقابل اتفاق لنقل الطاقة عبر إيران عبر خط نابوكو وهو ما يرفضه المرشد وقائد الثورة الامام الخامنائي.

ويتزايد حظر الغرب ودول الناتو على تعامل شركاتهم مع الشركات الروسية ورجال الأعمال الروس الموالين للرئيس بوتين منذ مطلع العام في محاولة يائسة لتجميع القوى الاقتصادية الروسية المعارضة لبوتين لإضعافه شعبيًا، هذه القرارات (والتي لغاية الدعاية المضلّلة تأخذ تسمية عقوبات في مخالفة واضحة لمبادئ اتفاقيات منظمة التجارة العالمية ومواثيق الأمم المتحدة، لأنّ المفروض بأي قرار في صيغة عقوبات أن يكون من اختصاص مجلس الأمن ومنظمات دولية وفي ذلك تجاوز فاضح للشرعية الدولية)، زادت من تخوف رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال في روسيا، فسحب بعضهم أمواله مما أثّر سلبًا على قيمة كل من الروبل الروسي وأسعار النفط..

الروسي في المواجهة يتحمل أكثر من الأمريكي ولفترة أطول انخفاض أسعار النفط.. ولكن لضمان اقتصاد بلاده اتجه بوتين شرقًا ليعقد صفقات واتفاقات مالية وتجارية لثلاثين عامًا مع الصين، وهي اتفاقيات كفيلة بردم الهوة الناتجة عن الحظر الغربي، وتلى ذلك اتفاقات مهمة جدًا اقتصاديًا مع تركيا مما جعل الحليف العسكري والسياسي للغرب وعضو الناتو (تركيا) حليفًا اقتصاديًا لموسكو في مفارقة غريبة من نوعها.. قد تؤدي هذه المفارقة الغريبة بأدوغان أن يدرك خطورة المخطط الأمريكي في تفتيت المنطقة على تركيا ذاتها من خلال تقوية الأكراد في الجوار السوري والعراقي الناتج الطبيعي المنطقي لإضعاف كل من العراق وسورية من قبل الأمريكي.. سينتهي ذلك بإقامة دولة كردية على حساب تركيا ذاتها.. ومن هنا قد يتغير الموقف التركي ويتقرب من سوريا خاصةً أنّ الخطة التي انخرط فيها أردوغان لإسقاط نظام الحكم في سورية قد وصلت إلى طريقٍ مسدود.. بينما الأمريكي أيضًا يضع الأولوية للإنسحاب من المنطقة والتوجه شرقًا بعيدًا عن سوريا التي يحتاج الأميركيون لضبط أزمتها لفشلهم الذريع أولًا مع شركائهم من أردوغان الى حكام الخليج في إسقاط نظام حكم رئيسها بشار الأسد من جهة، ولكون سوريا أصبحت منطلقاً لإرهابٍ "داعشي" يتمدد نحو مناطق نفوذهم وربما يهددهم في عقر دارهم...

عوامل عدة تجتمع لتؤسس لمرحلة دولية جديدة يغذيها التقارب الايراني الأمريكي.. وللمفارقات أيضًا نلاحظ كيف يختلف الصيني والروسي مع الأمريكي في آسيا الوسطى وشرق أوروبا، بينما يتفقان مجددًا حول ضرورة حلّ سلمي في سورية، يفرض هذه الضرورة تطور الأحداث في سورية بعيدًا عمّا كان مخططًا لها.

فهل الصمود السوري نجح في الوصول الى مشارف الانتصار؟