سورية تسعى لتأمين «تدفق ثابت» للنفط الإيراني

سورية تسعى لتأمين «تدفق ثابت» للنفط الإيراني

مال واعمال

الخميس، ١٨ ديسمبر ٢٠١٤

ارتسمت ملامح محبطة على وجه مسؤول نفطي بارز في دمشق نهاية الصيف الماضي، حين جرى السؤال عن قدرة الحكومة على تأمين احتياجات السكان من المازوت لشتاء 2014-2015.
كان شهر أيلول قد شارف على الانقضاء، وسوريا تنتظر حمولة جديدة، لم تصل، من النفط الإيراني، ابرز مصادر الوقود السورية في الوقت الراهن.
وتبحر الناقلات المحملة بالنفط الإيراني بمعدلات غير ثابتة منذ نهاية الشتاء الماضي، لأسباب تقلق القائمين على تأمين الاحتياجات النفطية، وربما تثير تساؤلات سياسية. وفي زيارة سابقة لرئيس الوزراء السوري وائل الحلقي إلى طهران شعر رئيس الحكومة بروح معنوية عالية لدعم دمشق في معركتها، التي يعتبرها كثيرون «معركة خط أمامي دفاعاً عن طهران» أيضاً.
لكن مستوى التعاون في المستويات المدنية التي تخضع لبيروقراطية الحكومة الإيرانية يبقى أقل اندفاعاً من مستويات التعاون الأخرى السياسية والعسكرية، والتي تخضع لمرجعية أخرى مرتبطة بالمرشد الأعلى للثورة الإيرانية السيد علي خامنئي.
وأمس الأول نقل الحلقي رسالة من الرئيس بشار الأسد إلى نظيره الإيراني حسن روحاني، تتعلق «بتطوير وتنمية آفاق العلاقات الثنائية والارتقاء بها لتشمل مجالات جديدة تعزز أواصر التعاون الثنائي»، وفق ما جاء في خبر وكالة الأنباء السورية -»سانا»، وذلك «بما فيه مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين، والإرادة المشتركة في مواجهة المخططات الصهيوأميركية والغربية في المنطقة».
وبحث وفد الحكومة، برئاسة الحلقي، مع المسؤولين الإيرانيين قضايا عديدة للتعاون، من بين أبرزها «آليات انسياب السلع الإيرانية إلى الأسواق السورية، وتوفير المشتقات النفطية من خلال ضمان تواتر وصول ناقلات النفط إلى المرافئ السورية، لضمان سد احتياجات الشعب السوري منعاً لحدوث أي اختناقات» عانت منها سوريا بشكل صارخ خلال الأشهر الماضية.
ويرى مراقبون أن جزءاً من فقدان هذه الانسيابية يمكن أن يتجاوز «الحجج البيروقراطية» إلى مستويات أخرى، بينها العبء الكبير الذي يشكله انخفاض أسعار النفط على مستوى الدعم الذي خططت طهران لتقديمه إلى دمشق.
وسبق للبلدين، وفقاً لمعلومات اقتصادية، أن وقعا اتفاقاً يقضي بتأمين خط ائتماني بمبلغ 3.6 مليارات دولار لتأمين حاجة سوريا من النفط الخام. ووفقاً لتصريح الحلقي، مطلع العام الحالي، فإن سوريا تستهلك 800 مليون دولار منها شهرياً لشراء ما يعادل ثلاثة ملايين برميل من النفط. واضطرت الحكومة أوائل هذا الصيف إلى رفع أسعار البنزين والمازوت لتلامس حدود السعر العالمي بالنسبة للأخير، في إجراء نظر إليه اقتصاديون باعتباره مقدمة «لتحرير أسعار الوقود» وهو ما نفته الحكومة.
وتعتمد دمشق كلياً على نفط إيران، لكن تقارير اقتصادية تقول إنها تستورد نفطاً عراقياً أيضاً، لكن بوتيرة منخفضة. من جهتها باتت الآبار السورية، التي وفرت إنتاجاً يقارب 220 ألف برميل يومياً، تحت سيطرة ميليشيات مختلفة، بينها «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام»-»داعش».
وأمس الأول ضاعف الاتحاد الأوروبي من ضائقة سوريا النفطية، حين حظر توريد أو تأمين وقود للطائرات المدنية والعسكرية السورية بأي شكل من الأشكال. لكن مسؤولاً سورياً أكد، لـ «السفير»، أنه «في حال توفر النفط الخام، فإن بمقدور سوريا سد حاجة طائراتها». تبقى العقدة في توفر الخام، وبمعدلات ثابتة من دون انقطاع وفقاً للمسؤول.
من جهتها، تشير تقارير اقتصاديين إلى أن حاجة إيران للتنمية تقف عند حدود سعر 130 دولاراً للبرميل، الأمر الذي اضطرها بسبب انخفاض أسعار البترول إلى نصف هذا السعر، للجوء للاقتراض من صندوقها السيادي من اجل «تسديد مستحقات داخلية».
ويعتقد مراقبون أن حسابات الطاقم الحكومي الإيراني تبقى مختلفة عن حسابات القيادات العسكرية والدينية، الأمر الذي يخلق هذه «العقد» في الدعم الإيراني النفطي.
وسعى الحلقي على رأس وفد حكومي رفيع المستوى، ضم وزراء الصناعة والنفط والصحة والكهرباء، إلى تذليل هذه العقبات وذلك بعد زيارة قصيرة سبقه فيها نائبه وزير الخارجية وليد المعلم إلى طهران.
والتقى الحلقي مسؤولين إيرانيين، في مقدمتهم الرئيس حسن روحاني وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، والنائب الأول للرئيس الإيراني إسحق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف.
وذكرت «سانا» أن الجانبين بحثا «العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، وسبل زيادة التعاون والتنسيق المشترك والأوضاع في المنطقة، حيث أكد المسؤولون الإيرانيون استمرار دعم إيران للشعب السوري تعزيزاً للعلاقات الإستراتيجية بين البلدين، وبهدف إيجاد آليات لتوسيع وزيادة التعاون والتنسيق المشترك على الصعد كافة».
وأكد روحاني أن إيران ستواصل الوقوف إلى جانب سوريا، قيادة وشعباً وجيشاً، فيما شدد جهانغیري على أنه في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها سوريا فإنه «یجب علینا أن نقدم الدعم لها». وأضاف إن «دعم إيران لمحور المقاومة، والتي تعد سوریا إحدی حلقاته، هو احد المواضیع الإستراتيجية».
وتطرق الجانب السوري إلى بحث «آليات توفير قطع الغيار اللازمة للمعامل والشركات السورية والمستشفيات ومحطات الطاقة الكهربائية» والتي تعتبر إيران هي المورد الأساسي لها في ظل العقوبات الدولية على دمشق.
وأكد الحلقي، في ختام زيارته التي استمرت ثلاثة أيام، أن «التحالف الإستراتيجي بين البلدين المقاومين سيسقط المشاريع الغربية المريبة المعدة للمنطقة».