دمشق: توجه محتمل لتحرير أسعار الوقود

دمشق: توجه محتمل لتحرير أسعار الوقود

مال واعمال

الاثنين، ٢٠ أكتوبر ٢٠١٤

 هل تتجه الحكومة السورية إلى «تغيير سياستها التاريخية» بشأن دعم المشتقات النفطية؟
من الممكن قراءة تصريحات وزير الاقتصاد السوري همام الجزائري، أمس الأول، ضمن هذا السياق، بالرغم من نفي مصدر سوري بارز لـ«السفير» طرح هذا الموضوع «للنقاش على مستوى رئاسة الحكومة حتى الآن».
إلا أن ثمة ملامح لا يمكن تجاهلها، لتراجع الحكومة القسري في موضوع الدعم، وهو كان إحدى ركائز السياسة الاقتصادية والاجتماعية لحكومات «حزب البعث» الحاكم منذ الستينيات.
ويشرح وزير الاقتصاد، في حوار مع صحيفة «الوطن» السورية، أن «قرار رفع أسعار بعض المشتقات النفطية جاء كجزء من إجراءات وسياسات تقوم بها الدولة لتوفير متطلبات الأمن والأمان، وإعادة تدوير المبلغ المخصص للدعم لمن يستحق، كذوي الدخل المحدود والمنتجين والقطاعات ذات الأولوية»، وذلك في معرض رده على قيام الحكومة السورية، عشية عيد الأضحى، برفع أسعار البنزين والمازوت، بنسبة 20 في المئة، بما أدى إلى صدمة عامة، ولا سيما أن الأثر السلبي لرفع أسعار المازوت يصل إلى كل بيت وبشتى الطرق.
وارتفع سعر المازوت من 60 إلى 80 ليرة سورية مؤخرا، أي ما يزيد قليلا عن نصف دولار أميركي لليتر الواحد بسعر الصرف الحالي، لكن جهات حكومية تفكر على ما يبدو، في «تحرير جزئي متدرج» للمحروقات، تماشيا مع سعره لدى دول الجوار.
وسبق للحكومة منذ يومين أن رفعت سعر الليتر الصناعي (المستخدم في المنشآت الصناعية) إلى هذا المستوى، وهو ما أثار استياء الصناعيين، خصوصا في ظروف التصنيع الصعبة في شتى أنحاء البلاد. وشرح مصدر سوري مطلع، لـ«السفير»، أن ربط أسعار الوقود الصناعي بالأسعار الدولية، يعود إلى قرار الدولة السماح للقطاع الخاص باستيراد هذا الوقود، وبالتالي بيعه وفق السعر الرائج في الأسواق. وهي سياسة اضطرت إليها الدولة في ظل «الصعوبة البالغة» التي تواجهها في تأمين مادة المازوت.
بدوره أكد الجزائري وجود توجه في هذا السياق. وقال إن الحكومة تدرس رفع سعر الوقود الذي يحتاجه قطاع النقل مقابل «إلغاء الرسم السنوي» لوسائل النقل العاملة على المازوت، لتقليص الهوة بين «سعر التكلفة» القائم لسعر الوقود، وكلفة النقل بالنسبة للمواطن. وأشار الى أن الحكومة «أوضحت أنها تدرس عدم تأثر المواطن ومستوى المعيشة في هذا الجانب، وأن الحكومة تدرس استبدال الرسم السنوي أو إلغاءه مع بيع المازوت بسعر التكلفة»، مقترحا ما معناه أن التحرير لسعر ليتر النقل يجب أن يرافقه إلغاء للرسم السنوي.
وسبق لوزير النفط سليمان العباس أن قال، منذ أيام، إن سعر البنزين يمكن أن ينخفض مجددا، لكن ضمن إطار «عمل لجنة لمراقبة أسعار النفط أسبوعيا»، وهو ما فهم بدوره على أنه خطوات في اتجاه «تحرير أسعار المشتقات النفطية في البلاد».
والمثير للاهتمام أنه كان سبق لحكومات ما قبل الأزمة أن طرحت اقتراحات مشابهة، بهدف «تقليص الإنفاق الكبير للدولة في مجال دعم أسعار المشتقات النفطية»، وبهدف «مكافحة تهريب المادة إلى الخارج أيضا»، لكن الاقتراحات رفضت حينها، لا سيما من قبل قيادات «البعث» باعتبار أنها «يمكن أن تحدث خلخلة في الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي».
إلا أنه بعد أربع سنوات من الحرب، وتراجع موارد الدولة إلى حدود قياسية، اضطرت إلى اتباع سياسات مشابهة لذلك التوجه، وذلك على الرغم من تأكيد مصدر معني بهذا القطاع أن «سياسة الدولة لدعم المازوت، المخصص للنقل والأفران التموينية والزراعة والتدفئة، لم يتغير، كما لم يناقش على طاولة مجلس الوزراء».
والواقع أن الجزائري أكد بدوره، أن أسعار وقود الأفران التموينية والزراعة تبقى «خطاً أحمر»، باعتبارها جزءاً من سياسة «الدعم الغذائي». أما في ما يتعلق بالتدفئة، فتعاني سوريا من نقص حاد من وقود التدفئة، «بسبب سياسات الحظر الدولية على توريد هذه المادة من الخارج»، والتي تأتي أساساً من إيران، وتكلف الدولة مئات ملايين الدولارات شهريا، وفقا لما صرح به رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي مطلع العام الحالي.