وزير سابق يصف النظام الضريبي في سورية بالمتخلف

وزير سابق يصف النظام الضريبي في سورية بالمتخلف

مال واعمال

الخميس، ٢٤ يوليو ٢٠١٤

وصف وزير المالية السابق، خالد المهايني النظام الضريبي بالمتخلف، مقارنة مع النظم الضريبية الأخرى.
ووفقاً لصحيفة “الوطن” المحلية، أوضح المهايني، أن صدور التشريعات الضريبية لم تؤدي  إلى تحقيق العدالة في التكليف.
وأضاف المهايني أن “وزارة المالية” اضطرت إلى استصدار رزمة من التشريعات الضريبية عبر فرض ضرائب لامست ذوي الدخل المحدود والضعفاء اقتصاديا، مثل فرض ضريبة على الإنفاق الاستهلاكي وعلى سلع أساسية ورفع الرسوم على الطوابع ورفع الضرائب على ريع العقارات السكنية، والإضافات التي صدرت لمصلحة الإدارة المحلية وغيرها، إضافة  إلى استثناء أرباح تجارة العقارات والمقاولات والتعهدات بنصوص تشريعية من الضريبة التصاعدية خلافا لمفهوم الضريبة على دخل الأرباح.
وأوضح المهايني، في تقرير المقدم إلى “الهيئة العليا للبحث العلمي”، حول القطاع المالي في سورية، أن كل هذه الإجراءات والتشريعات من “وزارة المالية” جاءت بهدف تعويض النقص في الحصيلة الضريبية، إضافة  إلى الإجراءات التطبيقية في الزيادات الكبيرة في التحققات الناتجة عن الضرائب على الدخل المقطوع أو الأرباح الحقيقية خلال الأعوام الأخيرة من خلال اعتماد أسلوب التكليف المباشر لمعظم المكلفين من اصحاب المهن والحرف.
ولفت إلى أن كل ذلك يؤدي  إلى خروج النظام الضريبيي النافذ عن تحقيق العدالة في التكليف، حيث أصبحت الضريبة تفرض نتيجة ذلك على الضعفاء اقتصادياً بدلاً من أن تكون مفروضة بشكل رئيسي على الأقوياء اقتصادياً.
وأشار إلى أن العديد من التشريعات الضريبية الصادرة خلال الأعوام الأخيرة أدت إلى تخفيف العبء الضريبي عن المكلفين الأقوياء اقتصادياً، مثل إلغاء الرسم القنصلي عن تصديق الفواتير للمستوردين بموجب المرسوم التشريعي رقم 80 لعام 2005 والمرسوم التشريعي رقم 51 لعام 2004 ورقم 59 لعام 2006، ما أدى  إلى حرمان الخزينة العامة للدولة من موارد مهمة بالقطع الأجنبي مفروضة على المستوردين القادرين، التي كانت تمول جزءاً كبيراً من نفقات السفارات السورية، إضافة  إلى إلغاء ضريبة الآلات على المصانع وإلغاء رسم الطابع على عقود التأسيس للشركات الكبرى، وتخفيض الرسوم الجمركية على السيارات بأكثر مما كان يتوقعه المستوردون والمتعاملون بتجارة السيارات، وإخراج فئات من كبار المكلفين المتمثلين بالجامعات الخاصة والمشافي الخاصة، وغيرها من زمرة الأرباح الحقيقية إلى زمرة الدخل المقطوع رغم الأرباح الكبيرة التي تحققها وتعديل إدارة التكليف الضريبي لكبار ومتوسطي المكلفين، وإصدار الشتريعات والقرارات الناظمة لهذه الغاية، وذلك دون تعديل أسس وضوابط التكليف الضريبي ودون تهيئة الإدراة الضريبية المؤهلة القادرة على ذلك، ما انعكس على انخفاض الحصيلة الضريبية ما اضطر “وزارة المالية” إلى استصدار تشريعات ضريبية تأثر بها بشكل مباشر ذوي الدخل المحدود.
وأفاد أن صدور هذه التشريعات وإجراءات التطبيق في الدوائر المالية أدى إلى عدم تحقيق مبدأ الوفرة في الحصيلة، وتؤكد ذلك الإحصاءات المالية عن تحصيلات الضرائب والرسوم في سورية خلال الأعوام 2001 و2010.
 وبيّن أن تطور العبء الضريبي والعلاقة بين نسبة الضرائب والرسوم السنوية المحصلة والناتج القومي الإجمالي بالأسعار الجارية حتى  2011، تظهر انخفاض العبء الضريبي الفعلي من 17.2%  إلى 10.9% في 2010 أي بنسبة 37%، في حين بلغت نسبة نمو الناتج المحلي الاجمالي 184% بالاسعار الجارية خلال ذات الفترة، ما يدل على عدم مواكبة نمو الاقتطاع الضريبي وضعف اداء الإدارة الضريبية واستمرار ظاهرة الفساد.
ونوه  إلى تدني وتناقص العبء الضريبي من عام لأخر، بالمقارنة مع الدول المجاورة والتي تتشابه اقتصادياتها مع اقتصاديات سورية، حيث تتراوح نسبة العبء الضريبي لدى هذه الدول إلى الناتج الإجمالي بين 15 و25%، علما أن نسبة العبء الضريبي  إلى الناتج ترتبط بشكل أساسي بحجم الناتج المحلي، وعدالة توزيع هذا الناتج بين فئات المجتمع.
ومن تحليل نسبة تغطية الضرائب والرسوم للإنفاق العام ومن خلال العلاقة بينها وبين حجم الإنفاق الفعلي من خلال قطع حسابات الموازنة عن الفترة ذاتها، يرى المهايني أن النسبة بدأت بالتدني منذ 2001 وبشكل متتال على الرغم من أن الإنفاق لا يتضمن العجوز التموينية وعجوز الاقطان والمشتقات النفطية وحوامل الطاقة، والتي إذا ما أضيفت  إلى الإنفاق العام لأدت إلى تدني هذه النسبة إلى ما يزيد على 35% كحد أقصى، علما أن النسب المتعارف عليها لتغطية الضرائب والرسوم عن إجمالي الإنفاق العام تبلغ بين 50 و70%، وهذا يدل على انخفاض مساهمة الضرائب والرسوم في الإنفاق العام بشكل كبير للأعوام المذكورة.
ونوه أيضاً  إلى تدني نسبة مساهمة القطاع الخاص في ضريبة دخل الأرباح، في حين أن مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي تجاوزت 65% لغاية 2011.
ودعا المهايني إلى الانتقال بشكل جذري من نظام الضرائب النوعية  إلى نظام الضريبة العامة الموحد على الدخل، حيث لم يعد هذا النظام يحقق أهداف الضريبة في العدالة والوفرة، ولم يعد مطبقا سوى لدى عدد محدود جدا من دول العالم، إضافة  إلى ضرورة إحداث الضريبة على القيمة المضافة في الوقت المناسب من حيث الوضع الاقتصادي، وكذلك الاقتصار على عدد محدود من الضرائب الأخرى مثل الضريبة على الإنتاج والضرائب على التسجيل لرسم الطابع والفراغ للعقارات وبعض الضرائب والرسوم المحلية، ورسوم جمركية تتفق مع المستجدات الاقتصادية والمحلية والإقليمية والدولية.
يشار إلى أن وزير المالية اسماعيل اسماعيل أكد مؤخراً ضرورة تغيير القوانين الضريبية وإيجاد نظام ضريبي جديد، بحيث يعتبر كل مواطن مكلفا ضريبيا، لافتا إلى أن مهمة الوزارة في المرحلة الحالية إعادة الثقة بين المكلف والدولة للحد من حالات التهرب الضريبي، وموضحا أن قيمة الضرائب والرسوم المفروضة في بعض الفواتير هي جزء من المساهمة الوطنية في الإنفاق العام ولا تذهب قيمتها إلى “وزارة المالية”.