ثلاثة وزراء، ومدير الجمارك في قبضة تجّار دمشق!

ثلاثة وزراء، ومدير الجمارك في قبضة تجّار دمشق!

مال واعمال

الاثنين، ١٣ مارس ٢٠١٧

الصيد ثمين ... ثلاثة وزراء (المالية، الاقتصاد، والتجارة الداخلية) إضافة لمدير الجمارك، وجهاً لوجه مع تجّار سورية في غرفة تجارة دمشق.
كان العنوان الأساسي للقاء الذي جمعهم بتكليف من الحكومة، كما قال الوزراء، هو مناقشة موضوع الحدود الجمركية: أين يقف ويعمل الجمركي؟ على الحدود، أم على الطرقات والمستودعات ومنافذ البيع، أم أن النشاط الجمركي يمتدّ على كامل الأراضي السورية، وضمن المحلات في قلب المدن؟

لم يطل التأهيل والترحيب بالضيوف، والوقت المحدد لكل مداخلة من السادة الوزراء، والتي سنعرض أبرز ما جاء فيها لا حقاً، حتى تحوّل الاجتماع إلى لقاء شبه حصري مع مدير الجمارك، حيث تمثل الجهة المباشرة للعلاقة مع الاستيراد والمستوردين.

وللحقيقة لا يفوت تجار سورية أي منبر إلا ويشتكون ويبالغون في الشكوى أكثر من موظفي الدولة الفقراء، ليس في هذا تجنٍّ، وهذه التفاصيل.

نصف بالنصف

بعد ترحيب "المدير الحازم" رئيس غرفة تجارة دمشق، غسان القلاع، بالحضور بدأ الحديث وزير الاقتصاد د. أديب ميالة، الذي أكد أن الحكومة السورية تقاسمت حصة استيراد حاجة سورية من المواد الغذائية بالنصف مع كل الكميات المطلوبة، وأنهم تقاسموا أيضاً استيراد البطاطا بالنصف 5 ألاف طن تستوردها وزارة التجارة الداخلية، والكمية ذاتها يستوردها القطاع الخاص، كتطبيق لسياسة التشاركية مع القطاع الخاص!

وأضاف أن اللجنة الاقتصادية مددت خمسة أيام إضافية للتجار الذين يستوردون البطاطا كاستثناء.

أضاف د. ميالة أن سياسة الحكومة ركزت على مراعاة الصناعة الوطنية، والآن بعد بداية الخروج من نفق الحرب نتّجه نحو تشجيع الفعاليات الاقتصادية، والصناعيين لإعادة فتح معاملهم، وأن سورية الآن تستورد لتأمين المواد الأساسية، لكن الخطوة القادمة المطلوب تأمين حاجات البلد من المنتج المحلي، لذا سمحوا باستيراد المواد الأولية والأساسية.

وأعاد طرح السؤال المحوري لهذه الجلسة عن أماكن تواجد الجمارك، مركزاً على ظاهرة التهريب وضرورة معالجتها، وأن "كل الوجوه النيرة التي أمامه" لن تقبل بتهريب إنتاجها، وستحارب التهريب لمصلحة الاقتصاد الوطني!

خفضنا الضرائب

وزير المالية د. مأمون حمدان، بدأ حديثه بالتعبير عن مشاعر الفخر بقدرة التجار والصناعيين على توفير كل السلع المطلوبة في الحرب، وأما عن أسعارها المرتفعة فهذا أمر طبيعي لأننا في حرب، ومازالت الدولة تقدم الدعم للكثير من المواد رغم مرور ست سنوات على الحرب.

أما عن موضوع الجمارك، وهي مديرية تتبع لوزارة المالية ويناط بها دور تأمين الجزء الأكبر من موارد الدولة، فكان سؤال الوزير كالتالي: من مع التهريب؟ ثم عاد ليجيب بأنه لا يعتقد أن أحداً مع التهريب، وأن الحكومة ليست أحرص على الاقتصاد من التجار!

أضاف د. حمدان أن الحكومة سمحت باستيراد المواد الأولية، وخفضت نسبة الضرائب عليها إلى 1% فقط، أما فيما يتعلق بموضوع الجمارك " فنحن هنا لنتساعد جميعاً على مكافحة التهريب، وإذا كان هناك من مواد تهرّب بسبب الحاجة لها ورسومها مرتفعة فكل الأمور يمكن بحثها وحلها، ومن الضروري أن تكون الطلبات معقولة وليست تعجزية، لأننا مازلنا في حالة حرب.

لسنا خصوم

وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك د. عبد الله الغربي، أكد أنه جاء ببشرى زفها فوراً للحضور: إنه أصبح بإمكان الصناعيين مزاولة المهنة بشكل مؤقت إذا لم يكن معهم ترخيص، كي لا يكون في الأسواق أي منتج غير معروف المصدر.

وأنه بعد الآن لن يكون هناك أي سلعة غير معروفة، وأن هذا الإجراء جاء كحلّ إسعافي من هول المخالفات التي ارتكبت، وذكر أنهم ضبطوا نحو 6 سيارات محملة بلحوم تزيد كميتها عن 4 أطنان لحمة، ومعها أكثر من 600 كغ بهارات وتوابل للتحايل على الروائح الكريهة المنبعثة منها، ثم عاد ليقول إننا نحن وأنتم "أي التجار" لسنا أطرافاً وخصوماً، ووعد التجار أيضاً بأنه سيتم مناقشة موضوع الجزء الذي تحصّله وزارة التموين من كل عملية استيراد مواد غذائية، والمقدر بنحو 15%، وهو ما يقضّ مضجع الكثير من التجار، إذ أنهم يضطرون لبيع الدولة هذه النسبة بسعر الاستيراد!

حصة الأسد من الاجتماع

لم يكن مدير الجمارك، فواز الأسعد، ممن اعتلو المنبر إلى جانب الوزراء، ولكن بعد أن بدأ الحديث لم يتح للآخرين المشاركة، إذ بدأ عرض قضايا التجار ومشاكلهم الخاصة التي بدأت من البصلة ولم تنتهِ عند تجارة الشرقيات.

قبل أن يدخل الأسعد في تفاصيل شكاوى التجار أكد أنهم جهة تنفيذية، يطلب منهم فينفذون، خاصة موضوع إلغاء نسبة ال15%، لصالح الدولة.

ذكر التاجر "أبو كامل" من البزورية أنهم كانوا يطالبون بإلغاء هذه النسبة، وإذ بها تعمّم لتطال أكثر من 15 مادة إضافية، أما "موفق" من سوق الهال فقد بشّرنا بأن سعر البصل سيفوق 300 ليرة سورية للكيلو غرام الواحد خلال الأيام القادمة، بسبب منع الجمارك من تفريغ حمولة 4 برادات ريثما ينتهي التحليل.

أضيق حدود

كثيرة قضايا التجار التي طرحت، من البيان الجمركي إلى تكاليف الشحن والعمولات التي لا تؤخذ بالحسبان، إلى طريقة معاملة عناصر الجمارك للتجار، الأمر الذي دفع "القلاع" للتدخل بحزم أكثر من مرة، لحسم أمر هنا، أو تأجيل متحدث هناك، مكتفياً بمداخلة قال فيها: إن غرفة التجارة وطن لجميع أبنائها وبجميع أطيافهم، وكذلك يجب أن تكون الحصص متساوية للجميع، إذ لا يحق لأحد أن يأكل البيضة وتقشيرتها بمفرده!

لأن مدير الجمارك في "قبضتهم" كان التسابق محموم لتخليص أكبر عدد من الموافقات والاستثناءت، كتأكيده بأن الدوريات ستدخل إلى المدن بأضيق حالاتها، وأنه تسلم الجمارك منذ نحو عام ويحاول العمل بطريقة مختلفة، وما على أي شخص إلا مراجعته لعلاج أي خلل.

أما القصة الأبرز ــ كما رأيتهاـ فكانت فيما رواه أحد أصحاب محال الشرقيات، والذي ذكر أنه جاء من كندا ولن يثنيه شيء عن قول رأيه، وروى لمدير الجمارك كيف دخل عناصره إلى المحل يطالبون بفواتير غير متداولة في مهنته، وبعدما صادروا سجادة قديمة، أعادوا عرضها عليه ليشتريها بالسعر الذي يحددونه، وإذا لا يوافق فالتهديد "بالعودة ثانية"!

أنباء آسيا