رغم «ترشيد المستوردات» الأسواق تغصّ بالسلع الكمالية..عملية الاستيراد تعاني لكون البعض يريدها طبقاً لمصلحتهـم

رغم «ترشيد المستوردات» الأسواق تغصّ بالسلع الكمالية..عملية الاستيراد تعاني لكون البعض يريدها طبقاً لمصلحتهـم

مال واعمال

الأحد، ٨ مايو ٢٠١٦

تتعدد التحليلات الاقتصادية لواقع الأسواق المحلية والتفسيرات المنطقية وغير المنطقية لتأرجح سعر الصرف

 وربطه بالأسعار ويبقى التنظير قائماً ومستمراً لما يجب أن يتخذ من إجراءات حكومية ومؤسساتية إلا أن الوضع يستمر على ما هو قائم عليه وعلى المتضرر أن «يضرب رأسه في الحيط مثلاً كحل وحيد لواقع الأسواق».
فلعل أهم أولويات الحكومة اليوم هو أن تحدد من هو المفسد الحقيقي لحياتنا ممن استغل الظروف العامة للبلاد محولاً إياها إلى مصدر للتكسب وجني الأموال وتكديس الأرباح.
فالبضائع الصينية التي تتصدر واجهات المحال التجارية وأرصفة الشوارع العامة من ألبسة وأحذية وكهربائيات وكماليات تكاد تخطف الأبصار بأسعار خيالية مخالفة بذلك كل ما تغنت به وزارة الاقتصاد من سياسة ترشيد استيراد نصت على استيراد كل ما هو ضروري وأساسي للمواطن، فمن أين أتت هذه الكماليات التي فاقت أسعارها الخيال، وكيف تدخل تلك البضائع هل تحتاج إلى إجازات نظامية أم إنها تهرب وهنا يبدأ تحقيقنا الذي يثير العديد من إشارات الاستفهام؟.. ما دور الجهات المعنية على المعابر الحدودية بتدقيق بيانات الاستيراد ومطابقتها مع البضائع المستوردة؟
هل باتت هذه الجهات غير قادرة على منع تلك السلع والبضائع  الرديئة من الدخول إلى أسواقنا ولاسيما أن البضائع موجودة بكميات كبيرة ما يشكك بأن تكون كلها قد دخلت عن طريق التهريب؟
بالرغم من أننا جميعاً نعرف واقع أسواقنا إلا أن بعض الشهادات الحية من المستهلكين كانت ضرورية.
أمثلة حية
أبو محمد- مهندس كهرباء يعمل في مجال تصليح  الأجهزة الكهربائية العاطلة يقول: إن الأجهزة الكهربائية الصينية المستوردة لا تعيش وتتعرض للعطب غالباً، لأن صناعتها الرديئة تؤدي إلى خطر حقيقي يتربص بالمستهلك الذي يبتاع أحد تلك التجهيزات المستوردة فهي قد تعرض محله أو منزله إلى الحريق نتيجة غياب المواصفة المطلوبة وسوء الصنع وعدم استخدام المادة الأولية المطلوبة واستبدالها بمادة أخرى أقل مقاومة للكهرباء، أما عن القطع الأخرى كالمولدات مثلاً فإن تعطلت يصعب إصلاحها لعدم توافر قطع التبديل أو من يمتلك القدرة لإعادة تشغيلها بعد تعطلها وهذه المشكلة قد طرحها حرفيو دمشق سابقاً.
أما أم يوسف فتؤكد أن سوء المواصفات ينسحب أيضاً على الألبسة والأحذية والمفروشات وحتى تجهيزات المطبخ وكل السلع الأخرى التي تغيب عنها أدنى مواصفات الجودة بينما تباع بأسعار لا تتوافق مع سعر الجملة الذي استوردت على أساسه، إذ تجد بعضها يباع بأكثر من خمسة أضعاف سعر الاستيراد وأحياناً ما يفوق ذلك بكثير. وتؤكد أنها تكتوي بنار الصيني الذي لا بديل عنه ذلك أن البسطات المنتشرة على الأرصفة والمحلات وكل الواجهات تعرض البضائع نفسها بالرغم من رداءة الصنع وغياب مستوى الجودة المطلوب، فمن خلال تجربتها الشخصية فإن الحذاء الصيني وإن طال عليه الزمن فهو لن يصمد أكثر من بضعة أسابيع أو ربما شهرين فقط وبعدها إلى القمامة، كما أن الألبسة ليست أفضل حالاً.
ماذا عن الترشيد؟
إن عدم الموافقة على استيراد البضائع إلا الضروري والأساسي منها هو مضمون سياسة ترشيد الاستيراد التي طبقتها  وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، إلا أن الواقع يشير إلى أن الأسواق المحلية تغص بالبضائع الكمالية على اختلاف أنواعها وأشكالها بأسعار تفوق الخيال وبمواصفات رديئة جداً. أما السلع الضرورية التي تتغنى الوزارة بتوافرها فإن أغلبها منتهية الصلاحية أو ذات مواصفات رديئة وغير صالحة للاستهلاك.
هنا لابد لنا من التساؤل كيف دخلت هذه البضائع عبر المنافذ الحدودية؟ هل دخلت بإجازات استيراد نظامية وتحت أي بند؟ وإن دخلت عن طريق التهريب فكيف تطرح في الأسواق «على عينك يا تاجر» وهي مخالفة وغير مطابقة للمواصفات؟ ما دور الرقابة؟ ومَنْ المسؤول عن مطابقة المواصفات لإجازات الاستيراد.. كل تلك الأسئلة طرحناها على الجهات المعنية والمسؤولة التي أفادت بما يأتي:
رئيس اتحاد غرف التجارة في دمشق غسان قلاع يقول: ليست سياسة «ترشيد استيراد» بل إنها عبارة عن تنظيم المستوردات حيث تقدم طلبات الاستيراد إلى وزارة الاقتصاد وتمنح الإجازات، حسب أهمية المادة وحاجة السوق لها، وبالكميات المناسبة حيث لا تغرق الأسواق ولا تعاني من شح فيها، الإجازة التي تُمنح تمول من قبل مصرف سورية المركزي والتعليمات الجديدة أفادت بأن هناك مواد يجب أن تدفع سلفة مقدارها 50% من قيمة المادة بالليرات السورية يثبت سعر القطع عند دفع هذه السلفة يدفع الرصيد عند سحب البوالص وتسديد القسم الآخر من القيمة بالسعر الرائج في يومها سماها البعض سياسة ترشيد استيراد إلا أنها تنظيم لعملية الاستيراد حيث بقيت المواد الأساسية متوافرة في السوق ومازالت الإجازات تمنح بها والمواد الأولية والأساسية بما فيها الحبوب والذرة العلفية والسكر الخام للتكرير وأيضاً الصويا للعصير وإنتاج المخلفات التي تحول إلى علف، بقية المواد تمت إجازتها ولكن ليس بالوسعة التي كانت سابقاً نظراً لضرورة تنظيم عمليات الاستيراد والتعامل مع كتلة القطع الأجنبي المتوافر في مصرف سورية المركزي حيث يجب أن توضع بالمكان المناسب وفي الوقت المناسب.
الاتجاه شرقاً
وأضاف القلاع: انصرف الكثير من المستوردين إلى الاستيراد شرقاً وكلمة شرقاً لا تعني الصين فقط بل عدداً من الدول الشرقية لكن أكثرها من الصين، إن المنتجات الصينية ليست أكثرها جيدة بالرغم من وجود البعض الجيد جداً الذي يضاهي السلع الأخرى الموجودة في دول أخرى متقدمة وهناك سلع عادية الجودة تدخل إلى السوق وهي مسؤولية مشتركة بين المستورد والجهات التي تكشف عن البضاعة فعندما تقوم تلك الجهات بالكشف عن البضائع واكتشاف أنها غير مناسبة تستطيع تلك الجهات أن تطلب من المستورد إعادة تصديرها وهنا نصادف حالتين الأولى بعض المواد قبل تخليصها تؤخذ منها عينات وترسل إلى المختبرات لتحليلها بقصد التأكد من جودتها مثل المواد الغذائية، والحالة الثانية تؤخذ عينات تكون مطابقة للمواصفات القياسية السورية فإن كانت المواد في إحدى الحالتين غير مطابقة يمكن الطلب من المستورد إعادة تصديرها. معظم المستوردين يقومون بالاستيراد من الصين بما فيها التجهيزات الكهربائية ويجب الكشف عنها أيضاً وهناك نشرة تسعير تضعها لجنة الجمارك لا يجوز الاستيراد بأقل منها أو أعلى منها.
واشار القلاع إلى أن هناك ثغرات تتيح للراغب في المخالفة وهناك مخالفات لا يقصدها المستورد وتقابلها مخالفات متعمدة يجب أن نقر بها لكنها قليلة بالنسبة لكمية البضائع المستوردة وتلك الثغرات يجب أن تتلافى في الحرم الجمركي، مؤكداً أن المسؤولية هنا تقع على المستورد أولاً وعلى العميل الجمركي الذي يمرر المعاملة ثانياً وعلى اللجنة التي تقوم بالمطابقة، وهل تقوم بالمطابقة لكامل البضاعة أم إنها تأخذ عينة فقط؟
عن الأسعار في السوق المحلية قال القلاع: لا يقارن سعر أي مادة لما كان رائجاً قبل عام 2011 وما هو رائج في هذا اليوم حيث إن سعر القطع الأجنبي الذي كان مقابلاً 45 ليرة قد انتقل إلى ما يقارب 400 ليرة وهو ما يستتبعه ارتفاع الرسوم الجمركية أيضاً وارتفاع أسعار الشحن وأيضاً ارتفاع الكثير من مواد المحروقات فأجور النقل من الموانئ إلى أماكن الاستهلاك تضاعفت عدة مرات وهو ما ينصب على التكلفة، كما أن هناك مصاريف أخرى انصبت على قائمة التكلفة سواء كانت تكلفة صناعية أو تكلفة تجارية فمن الطبيعي أن مجموع التكلفة يساوي سعر البيع ونسبة الربح.
واضاف: طالبنا أن تكون لدينا سياسة اقتصادية وسياسة مالية ونقدية ثابتة لعدد من الأشهر ممكن أن تقدر بسنة يعاد النظر في هذه السياسة في الشهر 12 من نهاية كل عام لنقول أين نجحنا وأين أخطأنا وأين تعثرنا ولكن الأحداث التي مررنا فيها حالت دون ذلك، ومؤكداً أنه ليس عامداً يقوم المركزي بزيادة سعر الصرف فهناك عدد من العوامل التي تدفعه لتلك الزيادة مشيراً إلى أننا كمواطنين تدفعنا الضرورة إلى إعادة النظر في عاداتنا الاستهلاكية ونتوقع أن نعيش في حالة استثنائية لن نملك تعديلها إلا بانتهاء الأزمة.
سياسة بظروف صعبة
د. هاني الخوري خبير تنمية بشرية واجتماعية ومحلل اقتصادي يقول: إنه بالنسبة لسياسة الاستيراد هي كأي سياسة حكومية تتدخل في ظل الظروف الصعبة التي تمر فيها البلاد من الصعب تنفيذها بشكل حقيقي وعالي الأداء، ذلك أن الحصار الاقتصادي كبير وعدد التجار الذين يمكنهم أن يتعاملوا مع عملية الاستيراد بشكل تنافسي قليل ذلك أن قلة عددهم تجعلهم قادرين على التحكم بالسوق ويمكنهم أن يمرروا بضائعهم المخالفة غير الصالحة للاستخدام البشري وغير المطابقة للمواصفات السورية من منظورهم بانخفاض القدرة الشرائية للمواطن، تسعفهم في ذلك ظروف الرقابة غير المثالية محققين مكاسب سريعة بعدة طرق ملتوية، مثل دفع رسوم جمركية أقل مما يحقق بعض الميزات التنافسية، فالعامل نفسه الذي يجعل التاجر قادراً على التهرب وإدخال بضائعه بنسب أقل يمكنه المنافسة بشكل أكبر، وتالياً يصبح التاجر الملتزم هو المتضرر الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى ارتفاع أسعار المواد بشكل كبير تلك المواد نفسها التي كان المواطن يحصل عليها بقيم أقل عندما كانت نسب الجمارك أقل.
ويضيف: في هذه الحال الأفضل هو دراسة نسب جمارك عقلانية ومنطقية بشكل لا يمكن للتاجر اختراقها ومن الأفضل اعتماد سياسة واحدة للنسب الجمركية بشكل حقيقي لا تكون مخترقة من منطقة لأخرى وحسب طرق التخليص الجمركي من مطار إلى ميناء أو ميناء جاف وغير ذلك.
فمشكلة الجمارك الدائمة في عدالتها وعدم اختراقها ووجود أشخاص فوق القانون من جهة طريقة الاستيراد وتعزيز وجود التاجر الجيد ومحاصرة الفاسد وعدم ترك المجال له بالاستفادة من الثغرات بشكل مسيء على حساب المواطن.
إغلاق نوافذ الفساد
إن إغلاق نوافذ الفساد يستوجب استنفار كل الجهات الرقابية وجميع السياسات المعنية، وتالياً يجب تطوير السياسات بشكل يكون تنفيذها انسيابياً. ويشير الخوري إلى أن وجود كميات كبيرة من البضائع والسلع في السوق هو دليل جهد كبير بذله التاجر للحفاظ على عملية الاستيراد ولتوفير تلك المواد وهو الأمر الذي يحسب له،  فالقدرة الشرائية ضعيفة وإيرادات الدولة محدودة ما يتطلب تعاون الجميع للضغط على أرباح التاجر، ومنافذ مصالحهم لا أن تكون فرصاً لتكوين ثروات سريعة فاسدة على حساب المواطن البسيط،  وأكد على ضرورة  تبسيط الإجراءات قدر الإمكان والشفافية في التعامل والمساواة لحصر الفساد ومحاربته وتحقيق سياسات رشيدة والحفاظ على العملة الصعبة وتحقيق حاجات المواطن في الوقت نفسه، إذاً المشكلة الحقيقية تكمن في آليات تنفيذ تلك السياسة  كما أن أساليب الرقابة غير مناسبة فبعض التجار يحصلون على ثروات طائلة من خلال تمرير عمليات استيراد غير شرعية وهذه المحاسبة هي عملية عقلانية يجب أن تحقق الغاية منها لرد متجاوز القانون والحفاظ على العملية الاستيرادية بشكل انسيابي ذلك أن بعض التجار الذين يضحون ويتعاملون بظروف استثنائية تجب مساعدتهم للحفاظ على العملية الاستيرادية، فالمخاطر التي يتعامل معها التجار كبيرة ونسب الربح للتاجر الملتزم محدودة والوقوف في وجه بعض تجار الثروات الطائلة أمر واجب، ذلك أن العديد من البنى الإدارية أصبحت تتعامل بقضايا فساد من دون خوف أو وجل من النتائج الرقابية ونتيجة الظروف الاقتصادية السائدة.
عملية مركبة
ويشير الخوري إلى أن التشدد في الرقابة فقد يولد رد فعل سلبياً لدى التجار لأن مشكلة الرقابة تكمن في كل أجهزتها ومفاصلها فالتفهم من جهة أين تكمن المصالح حيث تحقق إيراداً مناسباً للجمارك من دون ترك فرص للإخلاء بالتنافس وما هو المتجاوب مع مصلحة الدولة، هي عملية مركبة تتطلب شراكة بين القطاع العام والخاص وتتطلب وجهة نظر غرف التجارة وخبراء واختصاصين لأن الأمر حساس يتعلق بانسيابية عملية الاستيراد وسلامتها ذلك أن عملية الاستيراد باتت تعاني من الخطر نتيجة الصعوبات اللوجستية والقانونية ومع ذلك نجد عدداً من التجار الكبار الذين يديرون العملية الاستيرادية وفقاً لمصالحهم لتحقيق ثروات استثنائية.
ويضيف الخوري: لأن عملية الاستيراد الحكومي اليوم هي عملية صعبة جداً من خلال مؤسسات الدولة المعدة للاستيراد المحاصرة اقتصاداً ودولياً والتعامل معها مستحيل من كل دول العالم أو معظمها إلا خطوط الائتمان الروسية والإيرانية بسبب الحظر البنكي والتجاري والحظر على الاستيراد بنسبة كبيرة، لذلك وجدت الدولة نفسها مضطرة للاستيراد اعتماداً على عدد من التجار.
السبب المباشر
يعود د. الخوري ليؤكد أن السبب في وجود المواد المنتهية الصلاحية اليوم في الأسواق المحلية هو الاختلال الاقتصادي الذي وصلت إليه البلاد وهي مسؤولية الرقابة بالدرجة الأولى من جهة اختيار المواد السليمة صحياً فالجمارك ووزارة الصحة وكل الجهات المعنية هي المسؤولة عن مطابقة المواصفات والصلاحية وظروف الصنع والتخزين والتسويق، وهي عملية تكاملية تتطلب تشاركية عالية بين الوزارات، وتعيين أشخاص مشهود لهم بالنزاهة العالية في العملية الرقابية، وحتى مشاركة جمعيات أهلية لضبط الجمارك، ذلك أن الموظف وحده لا يكفي، فوجود لجان تعيين من غرف التجارة لمساعدة الجمارك وهيئات وطنية وجمعية حماية المستهلك تساهم في الرقابة وتشهد على التجار وتفتش مستودعات ومن هو مخالف من التجار تفضح أمره إعلامياً حتى لا يكرر المخالفة، فعلى الرغم من أن الإغلاق عقوبة رادعة، لكن العقوبات هي سياسات تحصيلية أكثر منها رادعة، فعمليات المصادرة قد تكون فاسدة وانتقائية، ما يُشعر التاجر الفاسد العارف بالتلاعب بالقوانين بالانتشار أكثر إغراق السوق بالسلع الكمالية، مصدر الخلل كبير، فقد تكون هناك منافذ استيراد غير نظامية تدخل البضائع من دون جمارك.
سعر الصرف
يشير د.الخوري إلى أن الحكومة تسعى لتخفيف الضغوط عليها من خلال إدارتها لرفع سعر الصرف بشكل متدرج ما يوفر الأعباء عليها، وكتحليل اقتصادي يقول: إن الأمور قد وصلت إلى حدودها الدنيا، والحكومة بحاجة لكل الطرق التي تؤدي للوقوف عند هذا الحد والتحسين المستمر لأجور ومعاشات المواطن كموظف قطاع خاص أو عام، حتى لو لم تضبط أسعار الصرف بالتخفيض بشكل نهائي يجب الحفاظ عليها من دون ارتفاع والمساعدة سريعاً، بربط أي ارتفاع لسعر الصرف بتحسين الوضع المعيشي للمواطن بشكل سريع وبأساليب مختلفة.
وطالب الخوري برفع النسب العامة لمستوى الأجور والمداخيل بشكل عام، فمهما رفعت الدولة نسب الأجور، هذا لا يعني أن السيولة التي يمكن للتاجر الاستفادة منها قد ازدادت، ذلك أن المواطن القادر على دفع الخدمات التي غالباً ما يحصل على قيمتها من ذويه في الخارج كمنح ومساعدات، فمعاش المواطن ليس مساهماً حقيقياً في القدرة الاستهلاكية، حتى وإن ارتفعت الرواتب بكتلة نقدية معينة، ذلك أن القدرة الشرائية أصبحت منخفضة، فهي تمثل الحد الأدنى لمعيشة الموظف على وجه الخصوص ليبقى العمل، في نظره ذا قيمة، وتحت أي مسمى كان حق المواطن وحاجته هي زيادة راتبه وأحد مقومات صموده.
 الجمارك أداة تنفيذية
مدير عام الجمارك العامة د.فواز الأسعد أكد أن عدم منح إجازات استيراد لبعض أنواع البضائع لا يؤكد أن ما سبق استيراده من هذه البضائع (قبل تطبيق قرار ترشيد الاستيراد) قد نفد من الأسواق فعلاً، مع التنويه بصعوبة الاتفاق على مفهوم البضائع الكمالية لأن هذا المفهوم نسبي، وما يعد كمالياً من وجهة نظر البعض يبدو ضرورياً للبعض الآخر.
كما أكد الأسعد أنه وبصرف النظر عن نية التعاون مع وزارة الاقتصاد، فإن إدارة الجمارك هي إدارة تنفيذية لقانون الجمارك، وكل القوانين والأنظمة النافذة ذات العلاقة بالعمل الجمركي، وبناء على ذلك فإن كل البضائع المستوردة يتم فحصها وتحليلها ولا يفرج عنها قبل مطابقتها لإجازة الاستيراد وللمواصفات القياسية المعتمدة في سورية لهذه البضاعة، وفي حال اكتشاف مخالفة يتم ضبطها وقمعها وفق مواد قانون الجمارك ودليل التسويات الجمركية.
مكافحة التهريب
أما عن حملة مكافحة التهريب التي بدأتها إدارة الجمارك العامة في تاريخ 13/4/2015 التي استهدفت بالدرجة الأولى تحصيل الرسوم الجمركية المتوجبة عن البضائع المهربة التي انسابت إلى الأسواق المحلية في ضوء فقدان السيطرة على بعض الأمانات الجمركية وحماية الصناعة المحلية من المنافسة غير العادلة وحماية الأمن الغذائي والدوائي من دخول البضائع المهربة من دون تحليل أو رقابة يؤكد أن عدد القضايا المحققة من تاريخ 13/4/2015 وحتى نهاية عام 2015 هي 4237 قضية التي بلغت الغرامات المحصلة بموجبها أربعة مليارات وستمئة وأربعة ملايين ومئة وسبعين ألف ليرة، ويعود ليؤكد أن حملة مكافحة التهريب بدأت لتدارك بعض نتائج الأزمة وآثارها السلبية في بعض الأمانات الجمركية الحدودية، والحملة مستمرة وأصبحت جزءاً من مهام إدارة الجمارك اليومية، وذلك لحين عودة الأمور إلى نصابها.
صعوبات الاستيراد
أديب الأشقر عضو غرفة تجارة دمشق يفيد عن صعوبات الاستيراد في أن الاقتصاد يتألف من طرفين الأول مزود للخدمة، والثاني مستخدم لها وبناء عليه يتوازن السوق فلتخفيض الأسعار نحتاج ثبات العرض وهو ما يوفره التاجر عند استيراد السلع ذات الأسعار الأفضل والنوعية مما هو غير ممكن تصنيعه في البلاد، ويشير إلى أن عام 2015 عام ترشيد الاستيراد، ما أدى إلى أن التاجر لم يستطع الحصول على أكثر من 25% من الإجازات التي طلب استيرادها فلجأ إلى الاستيراد عن طريق المناطق الحرة ثم إعادة الاستيراد للسوق الداخلية، كل هذه الصعوبات أدت إلى مشكلتين كبيرتين، الأولى ارتفاع الأسعار والثانية ارتفاع سعر الدولار إلى حد ما.
ويعزو تعويم السوق المحلية بالسلع الكمالية بما يخالف سياسة الترشيد من جهة الضروري والأساسي إلى حاجة السوق والطلب فيه على بعض هذه السلع، على الرغم من أنه قد تراجع بفعل الأزمة، لكن بعض التجار وبناء على القرارات الاقتصادية استطاعوا توفير السلع الكمالية بالكميات المطلوبة بالسوق، ومن خلال المناطق الحرة ناهيك بقيام بعض المخلصين الجمركيين بإدخال بعض هذه المواد من خلال الأمانات الجمركية بوسائل غير مشروعة، ويتم العمل مع وزارة الاقتصاد والمديرية العامة للجمارك لبلورة القرارات المطلوب تنفيذها من أجل المساعدة بضبط الإجراءات والوصول إلى الشفافية من خلال: آلية منح إجازة الاستيراد وآلية التمويل، إضافة إلى آلية التخليص الجمركي، وآلية التفتيش ومكتب مكافحة التهريب.
ويأسف الأشقر لأن غرفة تجارة دمشق طرف غير أساسي في لجان مطالبة المواصفات، حيث إن الجهاز الحكومي يعدنا غير أساسيين في هذه اللجان.
 ويؤكد أن المطابقة هي فقط مع الإجازة الممنوحة من وزارة الاقتصاد والبيان الممنوح من قبل مديرية الجمارك وليس لأحد الاعتراض، إلا حماية المستهلك، كما هو معمول فيه، في بعض الدول المتحضرة، ويؤكد أن الحكومة لم تعمل من خلال إجراءاتها على حماية المستورد ولا المستهلك من تذبذب سعر الصرف، وأن هذه السياسة قد  أفضت لعكس ما كان متوقعاً منها بارتفاع سعر الدولار وارتفاع أسعار المواد، وكل ذلك بسبب عدم إمكانية الحصر للاستيراد، ولعدم إمكانية وضع معايير شفافة لمنح الإجازات من قبل وزارة الاقتصاد.
 القرار له هدف مباشر
يعود مدير الجمارك ليوضح أن قرار منع دخول البضائع ذات الرسوم الجمركية 20-30%، وتأثيره في منع تهريب البضائع ودخولها إلى الأسواق السورية، فيقول: بحكم اختصاصنا الفني واطلاعنا على نظام المؤسسة العامة للمناطق الحرة ورقابتنا على أسوارها وأبوابها، فإننا نرى لهذا القرار بعداً اقتصادياً أهم من الهدف المباشر منه المتمثل بمكافحة تهريب البضائع من المناطق الحرة، حيث نرى أن هذا القرار يستهدف بالدرجة الأولى تحويل الأنشطة والاستثمارات القائمة في المناطق الحرة من الإيداع المؤقت إلى النشاط الصناعي باعتبار أن البضائع التي رسومها 20-30% هي بضائع تامة الصنع، في حين إن البضائع الأخرى التي رسومها 1% و5% و10% التي مازال مسموحاً شحنها إلى المناطق الحرة هي مواد أولية ومواد نصف مصنّعة.
ويضيف الأسعد: أما لجهة دفع المستوردين نحو التصريح عن بضائعهم بشكل حقيقي فإن الواجب الملقى على عاتق أجهزة الكشف في الأمانات الجمركية التحقق من صحة التصريح ومطابقته لواقع البضاعة وقمع المخالفات عند وجودها لأن التصريح الخاطئ عن البضائع للتهرب من تسديد الرسوم المتوجبة، بصرف النظر عن مقدارها يعدّ مخالفة جمركية تستوجب القمع وتهاون العاملين في قمع هذه المخالفات يستوجب فرض أشد العقوبات بحقهم.
خارج السرب
طبعاً وبما يتبع أصول العمل المهني حملنا نتائج تحقيقنا ومجموع ما حصلنا عليه من حقائق وتوجهنا إلى المعني الأول بإجازات الاستيراد والتصديق عليها وهي وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية لنحصل على الحقيقة.. كيف يتم إعطاء هذه الإجازة؟ ما شروطها؟ ما الكميات المسموح للإجازة الواحدة باستيرادها؟ ما المدة الزمنية لكل إجازة؟ كم إجازة يحق للتاجر أن يحصل عليها سنوياً؟
وأسئلة أخرى عن لجان مطالبة الإجازات ومحاور عدة تم طرحها في الفاكس الذي أبرقناه إلى الوزارة، لكن ما من مجيب ولا من رد على الرغم من الانتظار أسابيع عدة، وكانت الأعذار متجددة، وآثرت الوزارة أن تغرّد خارج السرب.