لمواجهة الحرب على الليرة السورية

لمواجهة الحرب على الليرة السورية

مال واعمال

الأربعاء، ٤ مايو ٢٠١٦

محمد شريف الجيوسي

تدخل الحرب الدولية على سورية مرحلة جديدة، بعد سلسلة الإنجازات التي حققها الجيش العربي السوري في العام الأخير، بالتعاون مع القوى الشعبية السورية والحلفاء الروس والإيرانيين والمقاومة اللبنانية، حيث تعرقل الولايات المتحدة وما يليها من غربٍ أوروبي ورجعيين عرب وعثمانيين، تحقيق الحلّ السياسي مخترقة الهدنة المتوافق عليها، في محاولة لاسترداد ما خسرته خلال العام الأخير، بإدخال آلاف المسلحين المرتزقة من حدود مجاورة، وتطوير استخدام الاقتصاد كسلاح ضدّ الدولة الوطنية السورية، بإفقاد الليرة قيمتها الشرائية، عبر أساليب ووسائل مختلفة، لسنا في صدد التفصيل فيها، منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي.

لا شكّ في أنّ الحرب الاقتصادية ليست شيئاً مُستهجناً أو مستبعداً من قبل أعداء سورية، لكنّ الغريب أن لا تتشكل جبهة اقتصادية شعبية سورية وعربية قومية وإسلامية ويسارية وعالمية، لمجابهة الحرب الاقتصادية وللحدّ من التأثيرات السلبية على القدرة الشرائية لليرة السورية، واستعادة سعر صرفها قبل شنّ الحرب العدوانية عليها، من أجل إعادة ترميم البُنى التحتية وتشغيل عجلة الاقتصاد من صناعة وزراعة وتعدين.

إنّ للوقوف إلى جانب الدولة الوطنية السورية أشكالاً عديدة، تتعدّى مظاهر الدعم والفعاليات والاعتصامات وإعلان المواقف بالبيانات والتصريحات والمقالات والمحاضرات وورش العمل والندوات والمؤتمرات، إلى الدعم الاقتصادي في مواجهة الحرب الاقتصادية التي تستهدف فيما تستهدف سعر صرف الليرة السورية، لتضييق الخناق على معيشة المواطن السوري، وتوهين قدرته على المواجهة والصمود.

وتتخذ مساندة سورية اقتصادياً أشكالاً عديدة، مباشرة وغير مباشرة، جماعية وفردية، فمن الأشكال غير المباشرة مثلاً، التوقف عن شراء سلع الدول والجهات المعتدية على سورية والداعمة للعدوان، والتوقف عن الإعلان لمنتجاتها في وسائل الإعلام الوطنية والقومية واليسارية والصديقة، وإبراز دور تلك المنتجات في تعزيز العدوان والحروب وزعزعة الاستقرار العالمي.

ومن أساليب دعم سورية اقتصادياً، أولوية شراء المنتج السوري، والضغط الشعبي على الدول التي لا تستورد هذا المنتج أو تضع العراقيل في وجه استيراده، بما في ذلك فتح الحدود، ورفع ضريبة المبيعات عنه، وعقد الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية مع سورية، ومدِّها بالمنح وبالقروض الميسّرة.

ومن ذلك أيضاً تجفيف منابع تزويد الإرهاب بأسباب التمويل، بالتوقف عن شراء منتجاته السمكية وغيرها، ولتحقيق ذلك التأكد من شهادات منشأ السلع، بما في ذلك المُنتج الصهيوني المادي وسواه.

إنّ قيام كلّ مواطن عربي وحرّ في هذا العالم بادّخار مبلغ بسيط شهرياً من الليرة السورية، وفتح حسابات ادّخار بها، لا بدّ أن يوقف، على أقلّ تقدير، تراجع سعرها ويحسّن سعر صرفها تدريجياً. فواجب وقف الحرب العدوانية على سورية مهمّة قومية وإيمانية وإنسانية، تستحقّ دفع ضريبتها دفاعاً عن سورية وعن الذات والعروبة والإيمان الصحيح، وعن البشرية والحضارة والإنسانية، ولا بدّ أنّ ثمناً ندفعه الآن اختياراً، هو أقلّ كلفة من ثمن سنضطر والبشرية إلى دفعه أضعافاً لاحقاً، وقد لا يحقق الغاية المرجوة.

بكلمات، إنّ دحر المؤامرة والحرب الدولية على سورية، مهمّة عالمية مباشرة يفترض أن يكون معنياً بها كلّ مدافع عن قيم العدل والاستقرار والأمن العالمي، كما هي قيم الحقّ والخير والجمال والأنسنة، بمواجهة الإرهاب والتطرف والقتل والتكفير واستخدام الدين في ما يهبط به قصداً إلى مهاوي الوحشية والظلامية والتخلف والجهل، وهو في حقيقة الأمر بريء من كلّ ذلك.

عقدت الإمبريالية والصهيونية عقد سفاح مع الإرهاب، بعد أن استنفدت كلّ دواعي ومبرّرات شنّ الحروب العالمية والإقليمية، فلجأت إلى خلق أعداء وهميين والاستغراق في الفتن واستدعاء الجوانب المريبة في التاريخ لإشغال الناس في غير قضاياهم وبناء مستقبلهم وتنمية مجتمعاتهم، وتركها نهباً لمُشعلي الحروب والفتن من أسواق وخيرات باطنية وأسلحة وصناعة وزراعة وثقافة.

البناء