تمويــل المسـتوردات يضيــع فـي القــرارات..والحلّ بإحداث مجلس استشاري غير حكومي للخروج من الأزمة الاقتصادية..

تمويــل المسـتوردات يضيــع فـي القــرارات..والحلّ بإحداث مجلس استشاري غير حكومي للخروج من الأزمة الاقتصادية..

مال واعمال

الخميس، ١٠ مارس ٢٠١٦

الحل للإشكاليات وللخروج سالمين من الوضع الاقتصادي الحالي وعدم  تفاقمه وخاصة فيما يتعلق بقضية تمويل المستوردات وتغيّر سعر الصرف، يتمثل بإحداث مجلس استشاري لا يأخذ راتبه من الحكومة، على أن يتألّف من خبراء في التجارة وأكاديميين اقتصاديين من الجامعات ومختصين في السياسات المالية والنقدية والاقتصادية، وتكون مهمّته تقديم الحلول للمشكلات الحالية ورفعها لرئاسة مجلس الوزراء، شريطة أن يؤخذ بحلوله وأن تُنفّذ وفقاً للأولويات وتطبيق ما يتطلب تطبيقه.
هذا ما خلص إليه رئيس اتحاد غرف التجارة غسان قلاع، بعد ندوة الأربعاء التجارية التي أقامتها غرفة تجارة دمشق بالتعاون مع المصرف المركزي أمس تحت عنوان “تمويل المستوردات”.

قرارات .. تعقيدات
الندوة طرحت العديد من المواضيع التي تستحق التوقف عندها ومنها تلك الآراء المنتقدة لتعدّد القرارات والتعديلات المتعلقة بتمويل المستوردات، لأنها أدخلت المعنيين أنفسهم في تعقيدات غير مبررة، تعقيدات بدورها أدخلت الأطراف الفاعلين في السوق بتفاصيل غير مبررة، كان لها أثر سلبي على عمليات تمويل المستوردات بشكل عام، ومنها أيضاً المنتقدة لاختلاف سعر الصرف الذي أدّى إلى وجود سوق جديدة.
رئيس اتحاد غرف التجارة عقّب على بيان وزير الاقتصاد الأخير حول موضوع الاستيراد ومنح الإجازات والتسهيلات التي ستقدّم للمستورد، قائلاً: إن البيان يحتاج إلى مذكرة تنفيذية وتفسيرية لمضمونه ويجب تعميمه على كل مديريات الاقتصاد في سورية، وأيضاً يحتاج إلى تكميل من المصرف المركزي، لافتاً إلى أن اللقاء مع المركزي هدفه الوصول إلى المطلوب مع الأخير.
في هذا السياق يؤكد التجار أن آلية التمويل وفق القرار 1555 معقدة جداً وخاصة تحديد مدة الثلاثين يوماً لتنفيذ عملية الاستيراد، مطالبين بمضاعفة المدة، وخاصة أن التاجر المستورد يدفع نسبة 25% من قيمة مستورداته، وفي المقابل يقول المركزي: إن هذا معمول به.
أما عملية التسديد لطرف ثالث، فيتحفّظ عليها المركزي تحسّباً لأية عملية غسل أموال، وإن كانت هناك حالات فيتم دراسة كل منها على حدة ضبطاً لأي توظيف لا يراعي الضوابط المحددة.

في وقتها..
ما تقدّم وغيره من شائك المواضيع والقرارات أظهر صوابية دعوة غرفة التجارة في عقد الندوة للتعرّف على ما هو المقصود بالعمليات اليومية في المركزي والخطط التي يتبعها بتمويل الإجازات الممنوحة من وزارة الاقتصاد، وخاصة بعد القرار الجديد القاضي بدفع 50% على بعض البنود الجمركية كسلفة بالليرات السورية مع تثبيت ما يقابلها من قطع أجنبي، وهناك أيضاً نسبة الـ100% التي على المستورد دفعها بالليرة، وهنا يتساءل القلاع: لماذا المواد التي على المستورد أن يدفع مقابلها 100% كوديعة، لا يثبّت سعر قطعها أسوة بالمواد التي تطبّق عليها نسبة الـ50%، وأن تكون على مرحلتين، الخمسون الأولى قبل الاستيراد والخمسون الثانية بعد وصول البضاعة أو تخليصها أو فتح الاعتماد لها وحسب النوعية، كي يستطيع التاجر الاستمرار بالاستيراد ولا يخسر. وفي هذا الشأن يشار إلى أن ما بين 60 – 90% من قيمة المستوردات يتم دفعها سلفاً من حسابات خارجية.

اعتراض..
على التوازي كان هناك ولا يزال اعتراض على دور شركات الصرافة، التي لا يجب أن تكون معنية بعملية التمويل وبيع القطع الأجنبي، دور -حسب المصدر- أدّى إلى استنزاف القطع وتذبذب سعر الصرف الذي أكد مصدرنا كما أكد التجار أنفسهم أن ارتفاعه يعود إلى عامل نفسي أكثر منه حقيقياً، الأمر الذي استغلّه بعضهم لزيادة الإقبال على شراء القطع ما انعكس سلباً على الإيداعات في المصارف، وبالتالي حدوث خلل في عمليات التمويل. وعلى هذا يردّ المركزي بأن لجوءه إلى شركات الصرافة  هو للالتفاف على العقوبات.
ومن جملة الاعتراضات الاعتراض على نسبة الـ5% التي على المستورد دفعها للحصول على الشهادة الجمركية والتي وعد وزير الاقتصاد بإلغائها ولم يتم ذلك حتى الآن، إذ تعتبر تجميداً غير مفهوم وخاصة أن المستورد يدفع 50% أو 100% وديعة للمركزي، حين يتقدّم بإجازة استيراد للحصول على التمويل، إضافة إلى أن هناك الاشتراط الإشكالية الموجود بالفقرة “آ” من القرار 703 لعام 2015 الذي لا يمكّن المصارف من تمويل المستورد حتى ينهي ما عليه من قروض، وعندما يفعل يحصل على القطع بالقطارة حسب أحد التجار.

متى الردّ؟!
القطاع التجاري الخاص كان قد طالب بوضع سياسة اقتصادية ومالية ونقدية واضحة، وأن يتم الإعلان عنها بكل شفافية، لكن الجهات الثلاث الاقتصاد والمالية والمركزي قالت بعدم إمكانية تطبيق ذلك، في ظل هذه الظروف، معترفة بأن قراراتها وإجراءاتها وآلياتها ربما لا تكون علمية، لكنها تأتي استجابة للمتغيّرات من الضروريات التي تفرضها جملة من التحدّيات نتيجة للعقوبات المفروضة على الاقتصاد السوري وأذرعه.
وكذلك الأمر حين تم الطلب من وزارة الاقتصاد تحديد الأولويات في استيراد المواد والسلع والإعلان عنها بشكل محدّد، وهذا أيضاً كان ردّ المركزي عند مطالبته بالتحديد والإعلان عن أي السلع ذات الأولوية تمويلياً.. فمتى يكون الردّ إن لم يكن الآن..؟!.

سؤال ليس أخيراً
أما السؤال الذي نختم به فطرحه القلاع قائلاً ومتعجّباً: “معنا مصاري ندفع لأجور حاويات الشركات الأجنبية، وليس معنا مصاري لتمويل المستوردات!؟”.
قسيم دحدل